المؤامرة على العربية
الغرب لم يمر من مضاربنا أو مدننا أو دولنا ...المرور التدميري للغرب كان من عقولنا و هويتنا و تاريخنا .الصليبية الغربية لم تترك ما يدل علينا ،معول التدمير أتى على كل شئ تقريبا و لن يسهل عليه التدمير لولا أنه تنبه لتدمير اللغة العربية.
لعل أخطر ما فعله الغرب هو انه اغتصب الاف الكلمات في اللغة العربية و معاني و حولها الى لغاته الام و استأثر بها و جعلها ملكيته الخاصة و قوى بها نفود لغته و جعلها ثرية و غزيرة (حوالي 5000 الاف كلمة اسبانية أصلها عربي ناهيك عن الانجليزية و الفرنسية )
اما نحن فقد حاول باحثوه تفسيرا كلمات لغتنا و وضع لها شروحاته الخاصة وفق نظرته و مطبقا لهذه الشروحات و حقول استعمالها وفق مصلحته الاستعمارية. و هذا ليس الا اقتحام و اخراج و اغتصاب ثم تدجين .
لعل تلك كانت أكبر مذبحة للغة غير لاتينية .
الاباء الأولون للمستعمرين الصليبيين انتبهوا الى أخطر الأسلحة لدى المسلمين و هي اللغة العربية و كنزها القرأن الكريم . و رغم أنهم حاولوا التضييق على القران الكريم لا ان محاولاتهم كانت تفشل و كان لا بد من القضاء على الوسيلة التي تمكن العربي من قراءة القران ألا و هو لسانه العربي ,
و جميع الاصلاحات التي تعاقبت قبل أو بعد استقلال الدول العربية كان الهدف منها الحد من فاعلية اللغة العربية عبر الحد من تعلمها شكلا و مضمونا على مستوى حصيصها و يرامجها و تطبيقها ....لجعلها متساوية و تائهة أمام اللهجات المحلية من جهة و اللهجة الدارجة .
هذه اللغة التي هي وعاء والثقافة و الوعي الهوياتي و المعتقد الديني لدى العربي و طريقة اسلوبه و عيشه, و جب نزعها عنه تارة و حجبها عنه تارة أخرى و شيطنتها و اضعافها بتشجيع و احياء لهجات من قبرها حتى و لو صارت عظاما رميما .
و ليس هناك أجدى من التعليم و التلفزيون لادخال الطفل في منظومة ظلامية لها برامج و أهداف نشطة لتدمير هذا اللغة و تفقيير متكلمها و اجباره على التواصل بدارجة سوقية أو بلغة هجينة لا فقيرة الشعور و العواطف .فأصبح التواصل بين أفراد المجموعة أو الوطن تواصل يحتاج الى ترجمة و فك للرموز الطلاسم .و أصبح الانسان منغمسا كليا في الرداءة كأسلوب تفكير و تواصل لأن اللهجات و العامية عنصران تكفلا بتفقير عقله و تسطيح فكره حينما أحتاج اليهما في التخاطب و التعبيير عن مشاعره و احتياجاته .
في البرلمان البريطاني ذلك المحفل الكبير الذي يدير ماسي الانسانية و ينكر على الانسان انسانيته هتف أحدهم يجب احراق هذا الكتاب .و رفع بالقران الكريم امام ممثلي أمة لا تغيب عنها شمس الشر .كان جواب أحد العقلاء المتنورين (و أظنه تشرشل ) لييس بهذه الطريقة نقضي على القران و انما يجب أن ننزعه من صدورهم .لماذا القران خطير جدا على مناوراتهم؟
لان مفردات القران كانت تشكل موردا فعالا قل نظيره في هذه الحياة لتكوين ملكات الطفل اللغوية في سنواته الاولى من طفولة و مراهقة و هذا شيء لا يتاتى أو يوجد للغة أخرى و لان طريقة تدريس القران و تحفيظه لم تكن متخلفة كما صوروا لنا .بل العكس كانت بيداغوجية تعتمد على الجهد والتخزين و الاسترجاع في وضعيات حياتية ومصاحبة لطول الوقت للسلوك و الذوبان في الجماعة ...و هكذا تنبأ الاباء الأولون الصليبيون حفدة الرومان ذوي الرؤوس الأطلسية المجعدة الى خطورة تدريس القران ليس على المستوى العقائدي بل اللغوي أيضا هذا الكتاب يتيح للانسان العربي ملكات تعبير ستعمل على تكوينه المستقبلي السليم بل ستتيح له التواصل الانساني عاطفيا ووجدانيا و عقلانيا. أشياء مثل هذه تمكن من التعايش داخل مجموعات و أفراد بسهولة و يسر .و لذا قام الاباء الاولون بغاراتهم التي امتدت من اسيا مرورا بافريقيا الى أربا للحد من الكتاتيب القرانية .و فعلت فرنسا الشيء الكثير لايقاف الكتاتيب في افريقيا و خلقها لمدارس بديلة للقضاء على اللغة العربية و جعلها في اخر سلم أولويات التدريس .
اتسمت المؤامرة الصليبية على لغة القران في الماضي بأشكال تقليدية كالدعوة الى الكتابة و القراءة بالعامية (كما يدعونا عيوش ) و كتابة العربية بجروف لاتينبة و المعارضة الصريحة لقواعد النحو و كذا عدم مطابقة هذه اللغة لتطورات العصر ...و ان ثراء اللغة من مفردات و عروض و بلاغة ما هو الا تشتيت للمتعلم العربي و يجب ارماء الكثير من المفردات و القواعد الى سلة القمامة لتنقيح اللغة من الشوائب و حصر الكمية اللغوية التي يجب على العربي تعلمها للاندماج في التطور و مسايرة العصر .
أما في الحاضر فهناك أشكال جديدة تستمد فلسفتها الظلامية من تقنيات ضبط القطيع .حتى أن المؤامرة على اللغة أصبحت تجارة رابحة على المستوى المادي أيضا .و خير مثال على ذلك المدارس الخصوصية أو الخاصة .بل و أصبح لها فرسانها و المصرون على محوها و هم على تنوع و سائلهم و مشاربهم الفكرية و الاديلوجية قليلون قياسا بالمجتمع .انهم منا و من أبناء جلدتنا و كارهون لسحناتهم قبل ان يكرهوا سحناتنا .
ثراء الانسان و تقدمه يبدأ و ينتهي بلغته الأم و أي نظرية مهما كانت اسسها الفكرية أو الفلسفية تدعي العكس فهي مجانبة و معاكسة العيش الصحيح .و العيش الصحيح أختزله هنا في عدم العيش بطريقة خاطئة .
في عصر الحاضر عصر التاريخ و المفاهيم و الاساليب الخاطئة أصبح الهاتف النقال ينوب كثيرا عن الحملات التبشيرية و الاستعمارية لم يعد مهما التواجد في الارض أو المكان لزرع النبوءات التبشيرية و المخاطرة بالاموال و البشر في مجتمعات غير أمنة .أصبح الهاتف النقال وسيلة سحرية لادخالك الى منظومتهم و بأقل تكاليف و بأرباح فلكية . و حينما تدخل الى منظومتهم التي ترفع راية الحرية تصطف في الصف الطويل و لا تدرك أنك مكبل في قدراتك الانسانية فتصير حملا وديعا طيعا و ربما بعت نفسك للشيطان ,
كما أرفع أصبعي و أشير الى المناهج و المقررات المدرسية و في المدارس الخصوصية و العمومية على أنها المقصلة الحقيقية التي تقزم اللغة أمام اللغات الغازية و عاما بعد عام و جيل بعد جيل و في طريقة نشطة تحد و تختزل من اللغة العربية .
فالتلميذ في العصر العباسي و الاموي و حتى الجاهلي( أستحي من توصيفه بالجاهلي فقد كان هناك بشر في تلك الفترة أذكى منا بسنوات ضوئية ) أقول التلميذ في هذا العصر الذي قرأ الأفية و حفظ القران كله لأو جزءه ليس هو التلميذ الذي حفظ سورا قليلة (و بطريقة تجعله ينساها بعد سنوات قليلة ) و ليس هو التلميذ الذي درس النحو بالشبكات و الترسيمات . لو أخضعنا التلميذين لكفاءة التعبير فسيكون هناك فرق شاسع شساعة السماء عن الارض في مهارات التواصل بين الطفلين
لقد حاولوا تبديل النحو في الثلاثينات على ما أظن و لكن محاولات الصليبين باءت بالفشل و كانت تلك المحاولات تتخد توصيفات مخادعة مثل التهذيب و التيسير و الاصلاح لقواعد اللغة و النحو و كنا نظن أننا انتهينا منها و أنها ارشيف طمره غبار السنين حتى طفت في اواخر التمانينات على شكل توصيات من البنك الدولي في المناهج التربوية و لجميع الدول العربية .و لا أحد انتبه الى المارد يخرجونه من القمقم .
و نأتي الى دور التلفزيون .و هنا يمكنني أن أقول أن التلفزيون أفيون و الافيون تلفزيون .من أكبر المواد المخدرة و المهلوسة التي تروج فوق سطح الأرض هي التلفزة .لا جاجة لذكاء خارق لاكتشاف دور التلفزة التدميري فقط يجب على الانسان أن يستفيق من النوم و يفتح عقله جيدا امام ليكتشف أن هذا الجهاز يدغدغ أحلامه و يدخله في دوامة الاستيلاب و الركون و الخنوع و ...أنظروا معي الى الاشهارات بالعامية السخيفة السوقية و الساقطة التي تفتقر الى الدوق السليم انها تعمل على تهييج عقولنا في انتظار ان تدير و تتحكم في ردود أفعالنا .و هذا يسمى عندهم علم النفس التطبيقي علم في دائرة ضيقة نتائج ابحاثه و استعمالاته محصورة في دائرة ضيقة انها دائرة النخبة طبعا . ان التلفاز يبلدنا و يجعلنا تافهين و متقبلين في الوعي و في اللاوعي لأفكار غريبة عن الذوق السليم .
و لعل أكبر معمل مهيكل تركه المستعمر هو الفرنكفونية (في الدول الأخرى الانكلوفونية ) معمل ينتج الافكار و يقدمها على أساس أنها الأجدى و الأصلح للعصر ,معمل يديره ببراعة و أغلب عماله هم منا من أبناء البلد .معمل تصل خدماته الى كل مدرسة الى كل ادارة الى الدواوين الوزارية الى كل لافتة في الشارع ...انه معمل شيطاني رهيب .هذا المعمل و في كل الدول العربية يستفيد عماله و نشطاءه النقابيين (سأكون أحمقا اذا لم أصنف حركة مالي كمثل لا للحصر ....الى نقابة للفرنكفونية ) أقول يستفيدون من حرية مطلقة و بدعاية واسعة و تغطية اعلامية و أمنية .
الفرانكفونيون الطليعيون الذين حصلوا على اعتراف صليبي يصنفون أنفسهم كأدوات تعرفنا على الاخر و تقربنا و تعايشنا
معه, لكنهم في الحقيقة أغلبهم لا يتعدى دوره أن يكون بوقا لتكبير الصوت و ايصاله أبعد حد .انهم لا يتكلمون باسمنا بينما هم يدعون ذلك صباح مساء .و ان تكلموا باسمنا فسيكون بشكل فلكلوري أو بشكل متخلف .
الفرنكفونيون هذه القلة القليلة في المجتمع لا تريد أن تفرض على السواد الأعظم من المواطنين لغة ليوطي بل تريدهم أن يسحلوا جلودهم و يلبسون جلودا فرنسية .فئة قليلة و تريد أن تغلب فئة كثيرة و تفرض عليها مبادىء و سلوكيات غريبة عن وسطنا و تفكيرنا و معتقدنا.و كل هذا باسم المقدس الدمقراطية و حقوق الانسان ؟؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق