الثلاثاء، 23 يناير 2018

التعليم كما عايشته (52): أسئلة لوزير التعليم الجديد

التعليم كما عايشته (52): أسئلة لوزير التعليم الجديد 

أسئلة لوزير التعليم الجديد

معالي الوزير الجديد :
بداية أود أن أحييكم تحية وطنية خالصة .و أهنئكم على قبول هذا التحدي الهائل .التعليم هوأساس الأمة و رافعتها نحو الاحسن ،و عليه انتم تعرفون أن على عاتقكم أهم وزارة في الحكومة .
و ليس مهما أوجه القصور الحالية  في أنظمتنا لان تنمية البلاد في النهاية ،ترتبط بما بقرارات الساكنة .و هاته القرارات لن تكون إلا انعكاسا لما تقدمه  التربية و التعليم .و نحن في أمس الحاجة للتربية على القيم التي تولد لنا تغييرا واضحا و توافقا اجتماعيا و الموافقة الطوعية  لمواطنينا على احترام القانون و المحافظة عليه .
مطلوب منكم اتخاذ قرارات عظيمة  فيها الكثير من الحزم و الحكمة في هاته الوزارة المعقدة و الإستراتيجية .مطلوب منكم تجميع كل الأقطاب المسؤولة عن التعليم و جميع الفاعلين الاجتماعيين من أولياء و معلمين و الممثلين و المجالس و المؤسسات الاجتماعية و السياسية و مشاركهم   المسؤولية  عن هذا  التعليم .
مطلوب منكم أن تخرجوا من وزارتكم و تلعبون دور اطفائي الحرائق ، و ستجدون صعوبة كبرى للدفاع عن قوانين ربما لا تأمنون بها .و لكن الوضع الكارثي يستدعي منك التدخل الحاسم ، لان الاصلاحات التي نجنح اليها تنتج لنا دائما الشيئ نفسه :الفشل .
مطلوب منكم سيدي الوزير شجاعة لتحسيس الجمهور ، و أن تذهبوا أبعد من المدرسة . و ربما المطلوب ، الاعلان عن ميثاق وطني للواجبات التربوية و التعليمية للمواطنين و السياسيين و النقابات  و المؤسسات الاعلامية  ...كل من هؤلاء له نصيبه في المساهمة بدوره في تلويث البيئة التربوية و التعليمية  و خاصة الاعلام الذي يفرد صفحات و برامج عديدة تافهة تساهم في محو كل ما يدرسه الطفل في المدرسة و نفي كل ما يفعله المعلم من مجهود .
 و مطلوب منكم أن تنأوا  قدر الإمكان عن مسببات الفشل لسابقيك الذي نحن في غنى عنه الآن  . فالثمن المؤذي للتربية يتم دفعة واحدة بينما الثمن المؤذى للجهل يتم على دفعات و مدى الحياة هكذا نطق الحكماء . ففي التعليم لا توجد معجزات و لا أسرار ،يكفي الارادة الجماعية للنهوض بهذا القطاع .
بغية الاستفادة من الوضع الحالي و نظرا  لفراغ كرسي وزير التعليم ، ارتأيت منذ مدة ، توجيه خطاب و أسئلة و هواجس .. إلى معالي الوزير القادم . أتمنى أن أجد الأذن الصاغية والصدر الرحب و  التجاوب مع تساؤلات رجل تعليم بسيط . و من المنتظر أن تكون هناك أسئلة أخرى  مستقبلا انشاء الله .
   و تقبلوا احترامي و دعمي التربوي و التعليمي .
0- رجاء أن تعيدوا تسميتي بصفة "المعلم " عوض صفة "الأستاذ " الأستاذ يدرس لفترة محددة و يتنقل بين الصفوق أما أنا  ثابت ،أدرس مدى الحياة .هل تعتقدون سيدي  أن الطفل الصغير محتاج في تربيته  لأستاذ فقط ؟
1- هل تعتقدون أننا سننجح حيث فشل الآخرون ؟ و هذا التحديث للسياسة التعليمية قد عرف فشلا ذريعا في البلدان التي تم اعتماده فيها منذ 1990 ؟ حيث من أهم نتائجه هو هذا التفريق و التقسيم   الشديد بين مكونات الشعب .هذا النظام عمل على توليد أنظمة للتعليم مستقطبة (من القطب) بين أقلية مفضلة و أغلبية مستبعدة  .
2- ستستسلمون مهمتكم  و الأكيد انه  سيكون أول تصريح لكم هو تثمين الإصلاحات التي ابتدأها أسلافكم في الكرسي الوزاري ،و ستضيفون العبارة :عازمون على مواصلة الإصلاح . هل ستكون  نقطة ثم رجوع الى السطر ؟
هل تعلمون سيدي الوزير أن هذا الإصلاح يركز على بشكل أساسي على التطبيق العالمي للاختبارات المتعددة ذات التأثير العالي ، في الوقت الذي تبث و بما لا يدع مجالا للشك ، فشل كل الأنظمة التعليمية التي استخدمت و استعملت هذا النموذج التي استهدفت من خلاله "الرفع من نوعية التعليم " و في المقابل ، الانظمة التي اعتمدت على التقييم و المساءلة على المستوى  المحلي و الوطني  تحسنت لها جودة التعليم .
3- الاشكالية ، هي كيف يمكننا أن نتجنب النتائج الكارثية لهاته الإصلاحات التي أريد لها أن تكون كونية و توحد كل العالم تحت تعليم موحد بدون النظر إلى الفروقات المهولة بين سكان الكرة الأرضية ؟  فإصلاحات مماثلة لإصلاحاتنا سبق تطبيقها في دول كثيرة  الولايات المتحدة و امريكا اللاتينية و اروبا  ...( بنسب و جرع متفاوتة) ، المثير في أمرها أنه رغم ما أحيطت به من تهليل و تطبيل في الحملات الانتخابية و تنظير من أشباه التربويين و إشادة من فرقاء سياسيين لم تترك وراءها إلا خرابا ينعق فيه البوم : إغلاق المدارس العمومية في المدن و القرى و الاحياء الفقيرة ، انخفاض مشاركة الإباء و الأمهات في التربية ، و بوجه عام إضعاف النسيج الاجتماعي حول المدرسة ،بالإضافة إلى عملية سرقة  تاريخية تم خلالها  نقل موارد عمومية إلى الشركات الخاصة ، إن لم نقل استيلاء على موارد عمومية في التربية و التعليم من طرف من طرف مستثمرين مستعدين للتخلي حتى على أبناءهم ان شموا رائحة الربح  .
4- ألن يكون من المهم أن نولي اهتماماتنا لخبراء التقييم مثل : بيرينود، ويليام، جونسون، غولدشتاين، دارلينج هاموند، سفيردليك، روكويل
(Perrenaud, Wiliam, Johnson, Goldstein, Darling-Hammond, Sverdlick; Rockwell)
الذين أوصوا بنماذج محلية أو مكيفة مع مرافقة تكوينية للمعلمين و تقويم عادل لجميع الجهات الفاعلة و العوامل المشاركة في العملية التعليمية ؟
5- ما جدوى  الاستمرار في تطبيق إصلاحات معكوسة ؟ أولا تتم تقييم الاصلاحات بأدوات معيارية موحدة  ، بعده يتم إعداد محتويات المناهج الدراسية بلا حلول  واضحة  لتصميم " النموذج التربوي " و بدون  اهتمام جدي بتدريب المعلمين ؟
6- لماذا يبنى المنهاج الجديد على الزيادة التراكمية في المحتويات و الوصف المفصل للطرق علما أن هذا يولد  برامج غير قابلة للتحقيق عمليا على أرض الواقع و يستحيل تقييمها ؟
7- و في هذا الوقت الاحتجاجي العصيب ، لماذا لا يكون هناك انخراط جماعي لتحديد "نهج سيرة " و جوهر المنهاج الدراسي الوطني و المشترك و تعزيز قدرا أكبر من الاستقلالية و الابداع الوطني بين الهيئات التقنية و المعلمين و مؤلفي المواد التعليمية و أصحاب البدائل التربوية المجتهدين ...حتى يتسنى لهذا المزيج ابداء تدابير وفقا للتنوع الإقليمي و اللغوي للبلد ؟
8- لماذا لا تحترم المدة و الوقت الحقيقي للإصلاح ؟ و لماذا لا تخصص له الموارد الفعالة و اللازمة لإنتاج برامج و موارد ذات جودة عالية ، بدلا من فرض مواعيد نهائية و في بعض الأحيان فجائية و سياسية بامتياز لم تؤذي إلا إلى إخفاقات متوالية ؟
9- كيف  يمكنكم سيدي أن تكفلوا   المجانية و تحققوا المساواة في التعليم العمومي ؟ إذا كنا مقبلين على عصر جديد : تحمل الأسر تكاليف تدريس أبنائها .عصر مطلوب فيه من الأسر دفع مساهمات إجبارية و طوعية و موسمية و طارئة ...للحفاظ على المدارس و هذه ليست إلا ضرائب إضافية ضخمة ستتنازل عنها الأسر لصالح الدولة و الخواص  . و  حتى مفهوم  " الاستقلالية في  الإدارة " ليس في الحقيقة  إلا اشتراكية في التكاليف و رأسمالية و  خصخصة للأرباح .
10-و كيف تضمنون للأطفال الحصول على تربية و تعليم   ذو جودة و عادلة   و قريبا من أماكن إقامتهم  ، إذا لم تصمم البرامج الوطنية للتعليم المتعدد المستويات و التعليم القروي الهامشي ... الذين  هم محتاجون إلى مساعدة و دعم خاص  ؟   
11- هل تعتقدون أن الخريجين الجدد (و في كثير من المهن )
المدربين جيدا على امتحانات "الاختيار المتعدد " هم أحسن و أفضل من أولائك المعلمين (معلمي السبعينات و الثمانينات ) الذين تم تكوينهم في مراكز تكوين المعلمين و المراكز التربوية  التي تم التخلي عنها و أصبحت غير مؤهلة و مهملة  ؟
12- و كيف ستضمنون الشروط اللازمة حتى يشعر المدرسون بالأمان و الطمأنينة و يركزون على عمله المتمثل في تربية و تعليم و تثقيف الأطفال   ،و هم الوقت الحاضر  مرعوبون ،و يعانون من حملة مسعورة من بعض الفئات الاجتماعية و قلة احترام لمهنتهم ، حملة تستهدف استقرارهم الوظيفي ؟
13- لماذا هذه المركزية الشديدة في النظام التعليمي إذا كان الكل متوافق  على وجود أكاديميات و مديريات ؟ و لماذا لا تسلم إليها القيام بتدابير ذاتية حقيقية و إعطائها الحرية لإطلاق برامج عمومية  و مبتكرة على المستوى المحلي ، برامج بتفردها و إبداعها  يمتد إشعاعها  على المستوى الوطني ؟ و لماذا لا يتم التقويم العلني لأداء الأكاديميات و المديريات على غرار تقويم المدارس المراد تطبيقه كسيف فوق رقبة المدارس ؟
14-   كيف   ستضمنون حياة سليمة  صحية للأطفال و الشباب أمام مؤسساتهم التعليمية و كيف ستبعدون عن محيطهم الأشخاص الغير مرغوب فيهم بتاتا : باعة المخدرات و باعة الحلويات الرديئة ؟ كيف  ستضمنون تعليمهم أمام أخطار العصر الرهيبة مثل  التواصل الاجتماعي ؟ كيف   ستضمنون جودة حقيقية توفر لهم فرص المستقبل و العمل في عالم أصبح الكل يحلم فيه بالهجرة ؟
15- ما هي العلاقة بين الإصلاح التعليمي و الإصلاحات الهيكلية الأخيرة ؟ و هل تعتقدون سيدي الوزير أن شركات الخواص و  التي ليس لها من عقيدة إلا الربح مستعدة لضمان الجودة و المساواة في التعليم ، لولا الدعم الذي تنتظره من الدولة و ستشترط أن يكون قارا لأنها تقوم بتربية و تثقيف المواطنين ؟
16 – لماذا لا تعمم الموارد الرقمية على الجميع و يتم الاستثمار في توفير كتاب مدرسي بأثمنة بسيطة و الاستثمار في أدوات النشر البسيطة من ألات نسخ و طابعات و أدوات للتربية التشكيلية و الفنون ..؟؟؟
17- لماذا تستثمر أموال باهظة في شراء تكنولوجيا من دون  ضمان شروط استعمالها الجيد :مواد يمكن أن تحسن التعليم محتاجة لبرنامج وطني للتدريب و التكوين و محتاجة لمعلمين لهم الإرادة و الخيار لنقل تلك المعرفة إلى المدارس و الفصول و الوقت أو الحصص اللازمة لتعلمها و أمكنة التعلم الملائمة (حجرات خاصة)  ؟
18- لا أعرف إن كنتم ستكتفون بوضع مكعبات اضافية من الطوب  من  فوق  التي وضعها سابقوكم على حائط التعليم المنهار . أم ستحاولون ان تفتحوا  نقاشا محترما ،  يصغي إلى الأطراف الحقيقية التي تمارس التعليم و الأطراف الحقيقية التي يمارس عليها التعليم  ، و يستمع جيدا إلى محاوريه واضعا نصب عينيه الإخفاقات و الحلول و البدائل لتجاوزها .؟
19- و كيف ستضمنون الرفاهية و الطمأنينة و الثقة في المستقبل  للمعلمين و  جميع العاملين في التعليم إذا كان الإصلاح الساري مفعوله يبيح الاستغناء عن المعلم تحت أعذار واهية و بدون مساءلة ؟
20- و أخيرا كيف السير قدما في الإصلاح و هو يحدث قطيعة  مأساوية مع  التراث التعليمي الوطني الذي دشنه معلمون و أساتذة استثنائيين ؟ أو بمعنى أخر يحدث قطيعة بما نحن عليه الآن بشكل يجعلنا نشد على قلوبنا و نحن نتجه الى مستقبل بلا ملامح واضحة  بلا أسلحة حقيقية : بلا تربية و تعليم جد منقوص  ؟
21- كيف ستتم الولادة الجديدة و الأليمة و الصعبة  للإصلاح ، أو بمعنى أخر كيف سيتم تحويل واقع الفصول المغربية و تحويل الممارسات التربوية للانتقال من التركيز على التدريس الى التركيز على تعلم الاطفال ؟  و كيف لنا أن نركز على تعلم الطفل في غياب الوسائل المعتمدة لذلك : انخراط أكثر للطفل في بناء المعرفة و التعلم ،تكثيف الدعم و التوجيه للمعلمين في مدراسهم ،الحصول علة موارد تعليمية أفضل ،و الحصول على جودة التدريب ؟
22-هل تعتقدون أن المنهاج الجديد هو اختيار لأجود المحتويات و هو كل  ما يحتاجه الطفل –بحق- في القرن الواحد و العشرين ؟  هل تعتقدون  أنه يعترف  بواقع المدارس المتباين و الغير المتجانس ؟هل تعتقدون  أنه يمنح المدارس المزيد من المرونة لتكييف المناهج مع احتياجاتها الخاصة ؟
23- أريد للإصلاح خلق ثقافة تعليمية جديدة في المدارس ، هل تظنون أن هاته الثقافة ستصل الى الفصول في سيطرة الارتجال و الغموض والملل أثناء العروض النظرية  للتكوينات ؟ و في غياب حقيقي للدعم و المرافقة و فرص التطوير المهني ؟
24- من المعايير و الأدلة التي اعتمد عليها لتصميم الخطط و  الجديدة ،استناد اقتراح المناهج الجديدة إلى أحدث البحوث في التعليم و تجارب دول سبقتنا لعمليات التعلم هاته .و لكن ألم يكن حريا أن نلتفت  إلى النتائج الوخيمة التي أفرزتها تلك الإصلاحات في تلك الدول ؟
25- ماذا ستفعلون لإعادة الاحترام الاجتماعي للمعلم ؟ و هو الآن ضحية غارات متوالية لنزع مصداقيته التربوية و التعليمية و حتى المهنية ؟ نعاني عجزا مهولا في هيبتنا الاجتماعية مما يحد من ممارستنا التعليمية و بشكل نشط  .
26- لماذا النقابات أصبحت حصونا منيعة لا يصلها التغيير ؟ النظام الرسمي الذي ينظم نشاط الجزء الاكبر من المعلمين جامد ، عفا عنه الزمن .
27- ماذا ستفعلون أمام الأطراف الجديدة  للتعليم الخاص التي لا تكف عن مزاحمة الوزارة و ازاحتها من مهماتها ، اطراف استغلت هذا الفراغ  و أصبحت  تقوم بتدريب المتعاقدين الجدد و تدعي أن لها تدريبا أجود من التداريب التي تقوم بها وزارتكم  ؟ ألا تعتقدون ان هذا سيفقد المعلمون الجدد الثقة في التدريب الذي تقدمه الوزارة ؟
28- لماذا تعاني عملية اختيار المعلم من  البساطة و أدنى غياب للصرامة ؟ هل تعتقدون سيدي أن حل مشكل التعليم يكمن في حل مشكل آخر هو البطالة ؟ هل تعتقد أن جلب أعداد كبيرة من معلمين أكثرا انضباطا من سابقيهم مع رصيد محدود من استراتيجية نقل المعارف سيحل مشاكلنا التعليمية و سيحسن من الجودة ؟
29_ ماذا ستفعل يا سيدي أمام الاعلام ، فمكانتنا الاجتماعية غالبا ما نفقدها عند حراس  سلطة  الإعلام قبل الدخول الى المجتمع  ، فهي التي تقلل من دور المعلم كناقل للمعرفة و الثقافة للاجيال و تركز على أخبار متفرقة و شخصية و تضخمها من اجل خدمة خطها التحريري ؟
30- هذا السؤال هو السؤال رقم صفر .و هو أهم سؤال.
 Résultat de recherche d'images pour "educacion"

الجمعة، 19 يناير 2018

التعليم كما عايشته (52) :الإصلاح : المدرسون أو المدارس؟





الإصلاح : المدرسون أو المدارس؟
مقدمة :
حينما يتعرض الاطفال للاغتصاب ، يتدخل كل المجتمع غاضبا و حانقا رافعا اليافظة الشهيرة :الاعتداء على أطفال في وضع  يفتقدون فيه  للحماية . جميل جذا ان يصحوا الضمير الوطني و الانساني الذي تمثل له التربية و التعليم  اهتماما جد ثانوي ، و يحس بالاعتداء  البشع على الصغار المفتقدون للحماية و القدرة  و  وسائل الدفاع عن النفس خارج المدرسة و  في حالات قليلة و معزولة.

Résultat de recherche d'images pour "reformas escolares"

و الغريب ان هذا الضمير نفسه   لا يصحو غاضبا امام  الاعتداء النفسي و السلوكي و البيداغوجي الممارس في نظامنا التعليمي على مواطنين صغار  في - وضع -  يفتقدون فيه  الحماية . بل و يفتقد الاحساس بما يقع من اعتداءات لسكان المدارس الصغار نتيجة سياسات فاشلة و مدمرة .

الجمعة، 12 يناير 2018

التعليم كما عايشته :(51): الإصلاحات التعليمية :الذهاب نحو الجذور

التعليم كما عايشته(51) :

الإصلاحات التعليمية :الذهاب نحو الجذور

" و ماذا تعني الجذور حينما لا تتسامح معها التربة ؟"   كارين تويل

Résultat de recherche d'images pour "raiz"

الإصلاح  التربوي هو نضال تربوي يومي  لا يهتم بمداعبة الجذوع ثم بعد ذلك يأكل الفواكه ..بل يذهب مباشرة إلى الجذور .

الأحد، 7 يناير 2018

التعليم كما عايشته (50) :الدفاع عن مجانية التعليم : المدرسة العمومية


 Résultat de recherche d'images pour "escuela publica /lucha"


التعليم كما عايشته (50) :الدفاع عن مجانية التعليم و المدرسة العمومية




الدفاع عن مجانية التعليم و المدرسة العمومية


كل شيء في أخر الأمر (بل و حتى و منذ بدايته ) يدور حول المال و المال و المال.
لا تتحول الإصلاحات الأخيرة في الحقل التربوي إلى مصدر قلق للمعلمين و بعض الفئات المهتمة بالشأن التربوي فقط أتوقع أنها  ستمتد إلى العائلات و فئات اجتماعية أخرى لأنها ستكون المنبه الذي يوقظ من النوم و عدم اللامبالاة : على الأسر أن تساعد في الإنفاق على المدرسة .و ستحدث مواجهات من اجل الدفاع عن المدرسة العمومية التي سوف لن تبقى شأنا وزاريا و إداريا ،أظن أنها ستكون مستقبلا  شأنا موسعا ما بين الإدارة و المجتمع و العائلات .
في ثمانية نقط سأحاول أن ألخص لماذا يجب علينا الدفاع عن التعليم المجاني من خلال المدرسة العمومية ، و معذرة ان تكررت بعض الافكار التي سبق لي أن تناولتها في مواضيع تتطرق للإصلاحات التربوية الجديدة في هذه السلسلة
Résultat de recherche d'images pour "escuela publica /lucha"


 1-المعلم ليس أي عامل - وأن المسؤولين الحكوميين  يجب أن يعرفوا  أفضل من أي شخص، كما سبق أن كتبت عدة مرات – من هو عامل التعليم، و من هو  جهاز إرسال الثقافة والسلوك ومن هو  المحافظ على استمرار يتها . نعم هو (و بكرامة كبيرة) عامل، موظف، خادم للدولة بلا ثمن ، مستغل، ولكن في النهاية عامل خاص و جد خاص و يصعب أو ينذر أن تجد مثله في المجتمع : لأنه الوحيد  على اتصال مباشر مع الأطفال والمراهقين والشباب، بالإضافة إلى والديهم. هو على اتصال جد نشط يمكن أن يكون قناة جد فعالة لتمرير المعلومات و التوجهات الوطنية .و هو شبكة الهاتف النقال للعلم و المعرفة  التي غطت كل ربوع الوطن ،و انتصبت شامخة في الاودية و الجبال و الصحاري و الاقاصي البعيدة ،أماكن لم تصلها الشبكات الحالية للهاتف .  كيف  يمكن للدولة أن تقلل من شأنه؟و لماذا تعامله  بشكل فج  ، وكأنه عامل مياوم  براتب بسيط  ؟
الذين لا يولون  اهتماما للمعلم و  على الرغم من كونه خالق للثروة التي يتمتع بها الآخرون هم بالضبط - الأقلية المتطرفة - بشكل غير عادل حيث يستحوذون عليها ويستأثرون بها ،و يريدون منعها عن الآخرين .
2- في كل التصريحات التي يروجوا لها أصحاب هذا الإصلاح الطوفاني يحاولون تنويم الجمهور بطمأنته على أن التعليم بيد أمينة . و أن مجانية التعليم هي حق دستوري  و أن التدابير المتخذة ما هي إلا رافعة لإصلاح التعليم و جعله ذو جودة ، لكنهم في الحقيقة يحاولون إضفاء طابع العلمانية و طابع الخصخصة على المناخ العام للتعليم .
كنا نظن أن التعليم و التربية هي مهمة إلزامية للدولة و أنها عامة و شعبية  ، لكننا نفاجئ بدعوة الحكومة الأسر للمساهمة في الأعباء الاقتصادية للمدرسة .
كل الوزراء كرروا نفس اللغة الخادعة إصلاح التعليم ، لكنهم كانوا في الحقيقة هم أول من تخلى عنه و خصخصه و جعله عرضة لأطراف أخرى تغسل الأدمغة و  تلقن من خلاله  ما تشاء و ما أوحيي لها من مموليها و واضعي برامجها .
3- والتعليم المجاني ضروري كالكسرة و الشاي و الدواء  "إنها وظيفة إلزامية للدولة". و يجب أن لا نتهاون في رؤية الحقيقة المرعبة : تخلي  الدولة عن  تشكيل ضمير و فكر و اعتقاد  المواطنين لمجموعة من  الأفراد التي تضع مصالحها الشخصية و المادية و الاديلوجية  فوق مصلحة المواطن الصغير الذي سنعتمد عليه في المستقبل . ان التخلي عن المواطن ، بين أيدي هذه الأشخاص و المجموعات  هو بالضبط ما سيجعل مستقبلنا سوداوي :فرقة و تنافس و تطاحن .و لنا في الحركات الاحتجاجية الأخيرة خير مرآة ننظر إليها : الدولة التي تخلت عن التعليم (التكوين و التثقيف)  لفئات شعبية واسعة هي التي تقف الآن عاجزة عن التواصل مع هذه الاحتجاجات و مكوناتها .الطبيعة علمتنا أن ما تخلينا عن تربيته و هو صغير من الصعب استيعابه حينما يكتمل نموه الفكري داخل  منظومتنا .
من هنا أعتقد أنه  يجب على الدولة أن  تضمن تمتع جميع السكان بالحق في التعليم دون مراعاة ظروف معيشتهم و بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي سواءا كان ميسورا أو فقيرا .لان إخضاع الكل إلى قدم المساواة هو أول مبادئ التربية الحقة و أول خطوة لتكافئ الفرص ، التي يثرثرون بها في جميع أدبياتهم .
. التعليم الحديث كما نعرفه جاءت به فرنسا ، و تحت يافظة الاستقلال لم تعمل الدولة على نزع التعليم من سيطرة فرنسا كما ادعت بل عملت على نزع التعليم من سيطرة الكتاب و رجال التعليم التقليدي . ثم  كانت هناك محاولات لمغربته و جعله تعليما وطنيا . و منذ الاستقلال أصبحت  مواسم إصلاح التعليم  قارة ،و ما كان إصلاحا يراد منه البناء و التشييد تبين أن كان معولا للهدم و التخريب و النتائج الحالية في الشارع و الاسرة تتكلم عن نفسها .
ثم ماذا حدث ؟ سيطرة الدولة على التعليم الذي انتزعته من فرنسا و التعليم الديني التقليدي  أصبحت تنزع منها لصالح مجموعات أخرى ذات طابع اقتصادي و عقائدي و حتى اديلوجي و ديني  .  
4- المعركة ضد هذه الخصخصة للتعليم و المدعومة من رجال أعمال و جهات نافدة و مجموعات سياسية و حتى من الإعلام،  يجب أن تبدأ من الدفاع عن توفير الميزانية الكافية للتعليم العمومي المجاني .و هذه نقطة أساسية و بدونها بصعب تصور دفاع مجد عن المدرسة العمومية .
و هناك شيء لا بد من الإشارة إليه هو  أن المدافعين عن التعليم الخاص يعرفون جيدا أنهم يضربون عدة عصافير في المستقبل بحجر واحد في الحاضر المتعفن .تطوير التعليم الخاص و كما هو مخطط له هو امكانية  التلاعب بأموال هائلة من مداخيل و جبايات و كذا الدعم الهائل الذي سوف تقدمه الدولة لهذه المؤسسات الخاصة مقابل تكفلها بتربية فئات مليونية (نسبة الى العدد)  من المواطنين .
6- و لم يكتفوا بما هو غريب بل أضافوا اليه ما هو أغرب منه : لم يتم فقط تأسيس و فتح مدارس خصوصية (لا تخجل بادعائها التربية الوطنية ) بل أيضا عملوا على فرض خطط و برامج خصخصة في المدارس العمومية و الحكومية . و لا يحتاج المعلمون إلى بيانات أو إحصاءات لمعهد دولي أو وطني لإثبات ذلك ، حيث تحاصرنا مئات الإعلانات عن المدارس الخاصة التي احتلت الفضاءات العمومية و المساحات الإعلانية ، ليس للإعلان عن منتوجها الجد تجاري  فقط ، و لكن كعملية فرض في لاوعي المواطن من أجل أن يقتنع بها ويدير ظهره للمدرسة العمومية .ويكفي أن نفتح أي مقررات الدراسة الجديدة لنرى شكل الخطط و البرامج التي حذفت و التي اقتطعت و مواضيع حذفت و تقلص ما هو اجتماعي و إنساني  لصالح  إدخال توجيهات جديدة تقنية و مهنية ،و إنتاج طلاب محترفين قادرين على المنافسة كما هم قادرين على المواجهة والتحارب  بينهم بدون أدنى قلق من المجموعة التي يعيشون معها و يتقاسمون معها نفس الوسط .
7- هناك من ساهموا في تمرير إصلاحات ضيعت أجيالا من التعليم ، هم الآن من يحاول النزول شيئا فشيئا إلى ساحة المعركة من اجل مجانية التعليم ...و يحاولون أن يسابقوا الجهات التي ستحتج من بعد ، هكذا هم يحاولون الركوب ، فكل قطار احتجاجي سيقلع يعني لهم المزيد من الغنائم .الدفاع عن المدرسة العمومية يجب أن يخلى من المتطرفين (و للتطرف أشكال و ألوان) و الانتهازيين .
8- أعتقد أن التعليم لا يجب أن يستمر في يد السياسيين و رجال الأعمال .و من الضروري و المستعجل أن يأخذ المعلمون و الطلبة و الآباء و الأمهات بأيديهم  فرصتهم و مكانهم الطبيعي في داخل التعليم  عبر آليات قانونية  جديدة تضمن لهم  المشاركة فيما يدرس لأبنائهم و العملية التعليمية ككل .و تضمن لهم الاستجابة لمقترحاتهم .
مواضيع ذات صلة :