الجمعة، 29 يوليو 2016

التعليم كما عايشته (16)

في هذه الحلقة سأحاول التطرق بشكل مفصل و بسيط للحقوق الحقيقية للطفل و ليست كما تنشرها الوكالات السياحية لحقوق الانسان في بلدنا بشكل خاص و البلاد العربية بشكل أعم .

و الغريب أن الذين يتكلمون عن حقوق الطفل المغرب لا يعرفون الطفل و لم يعايشونه و لم يدرسونه ، بل أن هناك من يعتقد أنه فعلا في طليعيي المدافعين عن حقوقه .للأسف يسيء اليه في بعض الاحيان أكثر مما يدافع عنه.
هناك كم هائل من الحقوق لو تنازل النظام التعليمي عن سلطاته اللانسانية و أعطى للطفل بعض من ما سأورد من حقوق لكنا توصلنا الى حل جميع المشاكل العالقة و لكانت المجتمعات واحة للحرية و الازدهار .
الاتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الطفل لسنة 1989 صدقت على التربية كحق من حقوق الأطفال و
الإعلان العالمي للتربية من أجل الجميع المنعقد بالتايلاند سنة 1990 و إعلان مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل 1990 يعترفون أن التربية الأساسية حق لكل طفل أو شاب أو بالغ .
"رؤية موسعة للتعليم الأساسي" كانت هي الصيغة المعتمدة في مؤتمر التايلاند و التي تؤكد على" تربية أساسية قادرة على تلبية الاحتياجات الأساسية للتعلم " داخل و خارج النظام التعليمي على حد سواء .و جدير بالإشارة أنه في التصنيف الدولي الموحد للتعليم أن التعليم الأساسي يشمل التعليم الابتدائي و الثانوي الإعدادي .
و أمام تراكمات هذه الترسانة الحقوقية للطفل ,و في هذا السياق ماذا يعني حق الأطفال في التعليم الأساسي ؟
1- الحق في أن يكون الطفل طفلا .لا أكثر و لا أقل.و كأننا بالطفل يصرخ و يعبر عن رفضه أن يكون مثلنا كبيرا و ذو دماغ كبير يفكر كالبالغ .الطفل ما يريده أكثر في هذه الحقبة هو اللعب و التمتع باللعب.ان يكون له الوقت الكافي للذهاب و البقاء في المدرسة و التعلم فيها . وله الحق في الحماية من جميع أشكال الاستغلالات .و الحق في منزل و أسرة و مدرسة مجاورة و قريبة .و الحق في أستاذ يستمتع بما يفعله و يشرف مهنة التدريس و يكون إنسانا محبا للأطفال .و الحق في تعليم لا يعدنا لحياة البالغين فحسب بل يكون مدخلا لحياة سعيدة.
2- الحق في التعلم داخل و خارج المدرسة .الحق في الفضول و السؤال .الحق في الأجوبة .الحق في الشك ,في المجادلة و المناقشة .الحق في الخطأ(و هذا الحق لأكبر غائب في نظامنا التعليمي) .الحق في أن يستشار .الحق في المشاركة .الحق في التعبير بكل تلقائية و حرية .الحق في أن ينصت له و تحترم أرائه الشخصية ,الحق في الاختلاف في التخيل في الخلق و الإبداع .الحق في الحق في التقدير الجيد من طرف الإباء و المعلمون .
الحق بالشعور بالثقة و عدم الطعن في قدراته و الاعتراف دوما بفتوحاته الصغيرة مهما كانت أهميتها .
3- الحق في التعلم المستمر مدى الحياة, و منذ الولادة و في سلسلة متصلة لا تعرف معنى الحدود.حدودها الحقيقية هي المصلحة الذاتية للطفل و قدرته على التعلم .
و كما تجب الإشارة أن في السنوات الأولى للطفل تحدث التعلمات الأساسية و القاعدية للطفل .عدم الاستغلال الجيد و الأمثل لهذه السنوات هو قطار مر و ترك الطفل في المحطة في كثير من الأحيان يصعب تدارك ما فات .في هذه السنوات الأولى يتشكل النمو المعرفي بطريقة مذهلة للإنسان .أعتقد أن هذا الحق أهم حق أساسي لتربية أساسية لأنه حق سيمكنه من انطلاقة جيدة في الحياة .الحق في طفولة أولى قادرة على إنبات و زرع جذور جيدة لنموه و تنميته في المستقبل.
4- الحق في تعليم منفتحة شرفاته على الحقل و الواقع ,الحق في منزل .في نظام مدرسي .الحق في التفاعل مع الأصدقاء ,الحق في وسائل الإعلام و الانترنيت .حقه في الاستكشاف الذاتي لهذا العالم(من هذا الحق يسربون نظرية النوع ) .الحق في التمتع بمكتبة وملعب رياضي وحدائق ألعاب و سيرك حيوانات و متحف ...الحق في الوصول إلى الكتاب و المجلة و الفكاهة و القصة و الفيلم و الفيديو و القاموس و الأعمال الفنية ...
الحق في التعلم ليس من خلال الكتب فقط و إنما من خلال التواصل مع الأفراد و المجموعات و التواصل مع المحيط مع الواقع مع الطبيعة (يستحيل تطبيق هذا الحق لان التعليم في المدرسة يقتصر على القسم فقط حيث العزل عن الواقع لغاية في نفس يعقوب شرحناها سابقا في هذه السلسلة )
الحق في تنويع مصدر التعلمات, عدم الاقتصار غلى البالغين كمصدر وحيد فقط و لكن التعلم حتى من أقرانهم و من أنفسهم أيضا (يتعلم الإنسان أشياء كثيرة من نفسه متى كان منتبها إليها و منصتا لفرحها و حزنها )الحق في الخطأ و التجربة في التعلم الذاتي .
5- الحق في الذهاب إلى مدرسة جيدة والبقاء و المكوث فيها الوقت اللازم لتطوير المعارف والمهارات والمواقف اللازمة للتعايش و للبقاء على قيد الحياة، الحق في التعرف خصائص جسمه وحماية صحته ، الحق في الاطلاع ومعرفة ثقافته وجذوره، والتعبير عن نفسه والتواصل شفويا وخطيا، وحساب وحل المشاكل الأساسية للحياة اليومية،الحق في فهم أفضل لنفسه وللعالم من حوله، وحماية البيئة، واستيعاب قيم العدالة والتضامن، ومعرفة حقوقه وواجباته، ووضع أساس احترام الذات والثقة بالنفس، ومواصلة التعلم..
6- الحق في تعليم مصمم خصيصا للأطفال، حيث كل شيء - العلاقات، ومحتوى وطرق ومعايير التقييم والمرافق والمساحات، والتقويمات، والجداول الزمنية والقواعد واللوائح – يجب أن يكون مصمم من وجهة نظر الأطفال و متكيف مع إبعادهم الحقيقية لا البالغين. الحق في تربية تحترم المعرفة والرأي والطفولة الأحلام. الحق في التعليم القائم على الفرح واللعب والغناء والمفاجأة والمغامرة والحركة والضحك والموسيقى وجميع الفنون، ولا يجب اعتماد هاته الأشياء الأخيرة كمكملات تعليمية كما المكملات الغذائية ولكن كمادة خامة للتعليم والتعلم.
7-الحق في التعليم المناسب الوثيق الصلة بحاجيات الطفل والحق في الجودة، مع العلم أن الأمور ليس فقط كيف نتعلم ؟ ولكن لماذا وكيف تتعلم؟. الحق في التعليم المجاني من الأحكام المسبقة والصور النمطية والتي تحارب العنصرية والتمييز على أساس الجنس، احترام الاختلاف واعتراف بقيمة لغتها لام خصوصياته الثقافية؛ الحق في تربية تهتم بما يعرفه الأطفال ما يكونون قادرين على القيام به، وليس ما لا يعرفونه ، وغير قادرين على القيام به؛ الحق في تربية يكون فيها للتعاون أولوية على المنافسة الشديدة و المنطق على الذاكرة ، ،و الحوار على المونولوج الأحادي ، و الفعل على القول. التربية التي تسعى إلى تشكيل و تحقيق حلم كل أبوين جيدين وكل معلم جيد: الرغبة أن يكون أطفالنا و تلاميذنا أحسن منا.
8-الحق في شروط و ظروف التعلم الأساسية القاعدية ضروري للاستفادة من المدرسة وغيرها من الفرص المتاحة للتعلم وتطوير القدرات. الحق في التعليم الأساسي يعترف لكل طفل في حقه للمطالبة كل مجتمع معين ليس فقط بمدرسة مجانية،و المعلم المهني، والمناهج الدراسية والمواد ذات الصلة، ولكن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والعاطفية الأساسية: التغذية والرعاية الصحية والمسكن اللائق، وقبل كل شيء، الحب والدعم العاطفي، والاحترام، والجو العام للاستقرار والأمن والسلام..

9-الحق في التربية الأساسية للوالدين على أولادهم.(سبق أن تناولت في هذه السلسلة هدا الحق و المؤامرة التي تحاك ضده)، لأنه يعتمد على هذه التربية إلى حد كبير للبقاء على قيد الحياة،الحق في الرعاية الاجتماعية والتعليم و و تطوير آفاق الطفل. حق الوالدين أن يكونان على علم بكل ما يقع لأطفالهم، و الوعي بأهمية التربية لكل طفل وطفلة، احترام لعب الأطفال، والأصدقاء و الحوار بينهم والإقناع بدلا من العقاب. الحق في آباء وأمهات يعرفن القراءة والكتابة، لهم القدرة على تمييز التعليم السيئ من التعليم الجيد، والمشاركة في الشؤون المدرسية. الحق في الآباء الذين يعرفون حقوقهم وواجباتهم، ولهم الثقة بالنفس والمعرفة الضرورية لمساعدة الأطفال على النمو والتعلم والازدهار .

10-الحق في وسائل اتصال مسؤولة و حساسة جدا تجاه احتياجات الاتصالات الأطفال وتستجيب لها، وقادرة على استكمال وإثراء تعليمهم.الحق في وضع الطفل في المناطق الحضرية في اتصال مع الريف الطفل في المناطق الريفية في اتصال مع المدينة.الحق توسيع نظرته إلى العالم ونقله إلى حقائق أخرى، في بلدان أخرى حقب أخرى. تعريفه على إمكانيات وحدود العلم والتكنولوجيا؛ الحق في الاطلاع على عظمة البشرية وخيبتها و إخفاقاتها. تطوير تقديره للفن والعلوم والثقافة العالمية. وتطوير ما هو موجود له تطلعه من أجل السلام واللاعنف والتسامح والتضامن والعدالة..

التعليم الأساسي حق للجميع. يحضر على قدم المساواة للبنات والبنين، الغنية والفقيرة، أولئك الذين يعيشون في المدينة، في الريف والمناطق النائية، لذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يعملون، أطفال السكان الأصليين والأطفال الذين ينتمون إلى أقليات عرقية ، الذين لا مأوى لهم والذين يعيشون في الشوارع والمهاجرين واللاجئين والنازحين بسبب الحرب.
على الهامش 1
. ترجمته و بتصرف.
Rosa Mar***237;a Torres النص الأصلي
على الهامش 2
هذه ليست فقط نظرة اليونسكو للتربية بل هي عقيدتها التي تتبناها من أجل تربية موحدة على الصعيد العالمي.و هي بالمناسبة ليست" مؤسسة خيرية تعطي لله في سبيل الله " كما نقول نحن المغاربة بل مؤسسة وضعوها المنتصرون في الحرب العالمية من وضعوا الأمم المتحدة و مجلس الأمن الدولي و البنك العالمي...وضعت بموازاة مع هذه المؤسسات الحربية و العنيفة .و كأنها متممة و بوسائل سلمية ما عجز عنه السلاح.
نحن يجب أن نقرأ هذه الحقوق فهي في مجملها المدينة الفاضلة للطفل على حد قول الحكيم اليوناني.و يجب أن نذكر بها حكومتنا ,لأنها وقعت على مضامين الاتفاقيات الثلاثة التي ذكرتها سالفا.
أتساءل لو أن الجمعيات المهتمة بالحقوق و الطفل في بلدنا انكبت على هذه الحقوق الحقيقية و المبسطة للطفل,هل كانت ستدافع عنها ؟و هل ستضعها في أولوياتها ؟ سأخيبكم أعزائي القراء ان قلت لكم أنها غير قادرة على الدفاع عن هذه الحقوق مفصلة و مبسطة لأنها لا تدافع إلا النقط الواردة في جدول الأعمال
هناك الكثير من الحقوق للطفل التي بالطبع غائبة عن مجتمعنا و مدرستنا و أنظمتنا التعليمية.فلا غرابة أن تكون أسرنا و مدارسنا و مجتمعاتنا تفرخ أجيالا تجعلنا نشد خوفا على قلوبنا في الحاضر و المستقبل.
هناك حقوق بالطبع لا أتفق معها بل و أتحفظ منها لأنها تستعمل في غير موضعها و ينطبق عليها الحق الذي يراد به الباطل.
مستقبلا من الممكن أن نرى المستحيلات التي لا تخطر على البال من الجن الى المجرات البعيدة و لكن من الصعب و المستحيل أن تلج هذه الحقوق مجتمعة أو أغلبها الى المدرسة أو العائلة أو أنظمتنا التعليمية
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق