هل هذا بيان للدفاع عن التعليم العمومي في بلادنا ؟ من الممكن أن يكون كذلك و من الممكن أن يكون تلك النظرة التي حاولت أن تكون موفقة في طرح ما يجب علينا أن نقوم به .و لن يكون هذه الرؤية الا تتويجا لمواضيع سبق ان تناولتها هنا في سلسلتي المتواضعة (التعليم كما عايشته).هذا تصور شخصي لما أعتقد أننا علينا فعله من اجل الخروج من هذه الدوامة ,و بما أن التربية هي ما نحن عليه الآن و ما سنكون عليه في المستقبل فاني أصنفها كفرض عين وجب علينا القيام بها كلنا و في شموليتها غير منقوصة و لا مجزأة .رؤيتي هذه تدعوا الى اضافة أطراف جديدة للمشاركة الفعلية في ايجاد الحلول و البدائل .التربية التي تتوجه الى المواطن وجب ان تكون في صلب الاهتمامات اليومية للمواطن ،يجب جر هذا المواطن او الفرد الى ساحة التربية والمسألة سوف تتم بطريقة موفقة ادا أخرجت التربية من مكاتب الادارات و طرحت في متناول الشعب ...ما هو اكيد أنه سيتلقفها .ان هذه العملية لا ترمي الى اصلاح التعليم فقط بل أن قامت لها حملات و تعبئة ستخلق لنا وعيا تربويا عند الكبار يورثونه لابنائهم .
التربية كانت دائما عملية بناء من جميع الاطراف ،و بما أنه عمل بناء مشترك و جب أن يكون هناك حوار مشترك و تنظيم و دعوة و تعبئة من أجل التربية و التعليم .
التربية كانت دائما عملية بناء من جميع الاطراف ،و بما أنه عمل بناء مشترك و جب أن يكون هناك حوار مشترك و تنظيم و دعوة و تعبئة من أجل التربية و التعليم .
الآن و من دون التماطل يجب العمل على تأسيس جبهة عريضة و موسعة من أجل
التربية و التعليم ،يكون أفقها (أي الجبهة) بناء حركة تربوية وطنية في متناول
الجميع .يساهم الكل من مواقعه في النقاش العام حول الحاجة الملحة و المستعجلة
لسياسة تعليمية بديلة تتجنب تكرار أخطاء الماضي ،و تكون فيها التربية حقا مشاعا
للجميع .الاساتذة و الطلاب و الجمعيات المدنية الوطنية و أحزاب و نقابات ...كل هذه
المكونات يجب ان تتحد في :جبهة وطنية من أجل التربية و التعليم .
من الناحية القانونية و حتى الاخلاقية يقع على عاتق الدولة المغاربية
مسؤولية ضمان التربية و التعليم لكل الفتيان و الفتيات و دعوتهم للانخراط فيه و
توفير لهم تعليما ذو جودة مقبولة .و توفير جميع أشكال الرعاية و النمو في جميع
أسلاك التعليم الاساسي ،لكي يتمكنوا من
الوصول الوصول و الولوج و حيازة تربية عمومية غير منقوصة :مرحلة الطفولة المبكرة و
مراحل الابتدائي و الاعدادي و الثانوي .تربية عادلة و حرة و نزيهة مع تعليم على
صلة بالمحيط و الجوار و الاقليم ..و الحياة .
يجب التحرك بشكل استعجالي ،و توقيت محدد و خارطة طريق واضحة المعالم و
توفير ميزانية كافية لاعادة فتح المدارس المغلقة و احداث مدارس جديدة و نفض الغبار
على المدارس التي لدينا .
أعتقد يقينا مطلقا أن المدرسة هي المؤسسة الوحيدة و الفعالة التي
يمكنها أن توجه مواردها و امكانياتها الى
محاربة الفوارق .و الفوارق أكانت اقتصادية أو فكرية أو اجتماعية .. هي
الجذور الحقيقية للمأساة التي تعيشها الدول المغاربية .و المدرسة هي المنصة
الدافعة للانخراط و الانضمام الى دعائم العدالة و السلم الاجتماعي و الكرامة و
بأقل الخسائر .و هذه المنصة التربوية التعليمية تتيح لنا انتشارا لا حد له و تغطية
لكل الوطن و شعورا بموقعنا المغاربي العربي الاسلامي الافريقي و المتوسطي ..
ان الدولة كضامن للحق ،على عاتقها مسؤولية حتمية و لا مناص لها
منها،لتعزيز نظم عمومية للتربية و التعليم.لكن مع الاسف ما يحدث هو هذا المشهد
الكاريكاتوري المألم :تحويل كل ما هو عام الى خاص .و هذه الهرطقة السياسية و
الاقتصادية أثبثت عدم نجاعتها في الاستقرار و السلم الاجتماعي لدى الفرد و
المجموعة .
ان التخلي الكارثي للدولة عن التربية و تفويتها للخواص ،على الامد المتوسط و البعيد ينذر
بأوخم العواقب على المشهد المغاربي ككل .سيكون هناك اضعاف شديد للسلطات المركزية و
تقويض من سيطرة الدولة الفكرية و الدينية و الامنية على مواطنيها الذين سيستمدون
مرجعياتهم الفكرية بوسائل و موارد بديلة
من خارج الحدود.و لا يهم جودة الوسائل أو
ظلاميتها و لا يهم من اين تاتي الموارد حتى و لو كانت مصدرها القمامة .
ان ما يجمع الدولة أو المجموعة البشرية هو الهدف الجماعي حيث الفرد
يذوب في الجماعة حيث الامور شورة و تعاون بينهم .و حينما تتخلى الدولة عن التربية
و التأطير لصالح أحزاب لا دمقراطية و منظمات تدخل الوطن فوق دبابات أجندات خارجية
و وسائل تواصل اجتماعي و اديلوجيات و مراكز ضاغطة و موجهة و متحكمة ...فهذا يعني بكل بساطة أن الدولة سائرة في
تأسيس مفهوم جديد :الدولة مجموعة من الافراد و المجموعات يجمع و يربط بينهم علم
وطني و عملة نقدية.نقطة رجوع الى السطر انتهى التعريف الدستوري للدولة.
نتأسف مرة أخرى و نحن نرى ان المستفيد
الحقيقي من التعليم هم أفراد خاصين و مجموعات صغيرة تعمل على تعزيز البنية
الاجتماعية لنخبة او طائفة معينة و تعمل على خدمة أغراض مجموعات اقتصادية استثنائية
و حصرية .و في الطرف الاخر من الجمهور العريض هناك تفقير ممنهج و اقصاء اجتماعي .
و عليه :
أدين:
-التأثيرالكارثي و المتزايد لشبكات أصحاب العمل و الاقتصاد في تحديد
السياسة التعليمية و أخضاعها لمنطق سياسة السوق .هذه الشبكات تسعى في غالب الاحيان
الى تسريب و ادماج قيم و ممارسات اتية من صلب القطاع الخاص .انها تقترح و تقدم
اصلاحات ذات طابع تعليمي بحث تخلوا من التربية كمرادف للتعليم ،في واقع الامر ما
ترمي اليه هذه الاصلاحات هو تدجين التربية لخدمة مصالح الشبكة في الاعمال و النمو.
-الاهتمام التي تبديه الدولة للقطاع الخاص الذي هو في أغلب الاحيان ذو جودة
متدنية رغم الهالة الخادعة و الاشهار الكاذب الذان تغدقهما الدولة على هذا القطاع
الذي يجعل من التربية و التعليم خاصة ؟ انه التناقض الصارخ ضد الطبيعة و قوانين
المجموعة الموحدة وراء هدف جماعي .التعليم
الخاص هو تغريب لاجيال و اقتلاعها من جذورها الوطنية و الحضارية .التعليم الخاص
ببرامجه و مخططاته هو معيق للذكاء البشري أكثر من التعليم العمومي .و لا يعلم قيم
.و حتى التعليم الجامعي الخاص فجودته متدنية
-اهدار الموارد العمومية في دعم التعليم الخاص .يجب أن يكون وضع المدرسة الخاصة
كزبون امام الوزارة المكلفة بالتعليم ،و يجب أن تحترم دفاتر تحملات للبرامج و
للاخلاق و الهوية الوطنية .فلا يعقل أن نعهد اليها بتكوين مواطنين وفق أعراف وطنية
متفق عليها فتذهب هي لجلب قمامات التربية الغربية و تسقطها على الواقع الوطني .
-قرار الحكومات المتعاقبة بالتضييق على الصعيد المالي وعلى صعيد الموارد في
التعليم العمومي ،لافساح المجال أمام التعليم الخاص للولوج الى حياتنا و أفكارنا و
اسلوب عيشنا و خلق تشعبات جديدة في هيكلتنا تستمد مرجعيتها الفكرية و من وراء الحدود أكثر مما تنظر الى ما هو موجود
لديها و ما تركوه أسلافها
-التخفيضات المتعاقبة في الميزانيات ،و عدم الاسراع في سد العجز على جميع
المستويات .
-تجريم الاحتجاج الاجتماعي لرجال التعليم .
أطالب:
- ببناء مرافق متكيفة مع التعليم و صالحة للعمليات التعليمية .و التي تلبي احتياجات جميع
الأطراف و الاشخاص و توفر لهم بيئة تعلمية آمنة ،خالية من العنف و مظاهره.مؤسسات
للتميز المغربي و الجودة الفلندية (لفعل هذا لا نحتاج الى ميزانيات باهظة ).كما
يجب زيادة في المعروض من المعلمين بل و توفير الفائض في استغلاله في الدعم .دعم و
بشكل ملحوظ عمليات تحسين الأوضاع الاقتصادية لرجال التعليم .و العمل من طرف الكل
على اعطاء قيمة اجتماعية تكون جديرة بمهنة
التدريس .
- ضمان الميزانية الكافية للتعليم العام لتشجيع التكوين المتكامل للطلاب و
من بدايته في التربية الاولية حتى يصل الى المستوى التقني أو العملي أو التكنلوجي
الفني مع مراعات مخططات التنمية في البلاد .و اعتماد الطالب على أساليب حياة و
تنمية مستدامة و تعزيز لديه حقوق الانسان
و المساوات بين الافراد و التربية على الهدف الجماعي ،أيضا يجب التعزيز لديه
لثقافة السلام و اللاعنف و المواطنة و التقدير و الاحترام و التنوع الثقافي .
- ضمان الموارد المالية من اجل الولوج الى التعليم العام و على قدم
المساوات لجميع المواطنين و في جميع مستويات التعليم و التدريب المهني بما في ذالك
ذوي الاعاقة و الاميين و الفئات العمرية الكبيرة و سكان المناطق النائية ...
- ضمان حق المعلم في نقابة مستقلة عن جميع الجهات لانه لا يعقل للتربية في
آفاقها الواسعة أن تخضع لقناة اديلوجية أو
حزبية .ضمان حق المواطن في التنظيم و التعبئة و المشاركة من أجل تعزيز
دور الحركة الاجتماعية من أجل الحق في التعلم .
تعبئة الطلاب و المجتمع التربوي أمر أساسي في تعزيز نقاش عام حول مشاكل
التعليم ،لتوليد الوعي الجماعي و تشكيل سياسة عامة .و هنا أعتقد أن ارساء تجربة الادارة الدمقراطية هي الحل و المفتاح .
-من الالزامي أن يكون التعليم خاضعا للرقابة العمومية ،و هذا يعني أن
سياسته تتم بمشاركة نشطة لاوساط أكاديمية و تعليمية و في سياق واسع من الشفافية و
يكون النقاش على المستوى العام أي اشراك الجمهور في المساءلة و المناقشة .
- يجب تعبئة الكل لان الموضوع يهم الجميع في حاضرهم و مستقبلهم و يحافظ على
ماضيهم من الاندثار :حركات اجتماعية ،شعبية ،مدنية ،دوائر تدريب المعلميين
،الاحزاب ،المنظمات الاجتماعية و الشبابية و الثقافية و التربوية و الرياضية
..المعاهد العليا و الجامعات ..الجماعات المحلية و تحويل جزء من انشطتها لخدمة
المدرسة العمومية ..
وجب التاكيد على أن التعليم ليس
سلعة ،و نحن كبشر فوق هذه الرقعة الشطرنجية من العالم ليس الا ضيوفا عابرين وجب
علينا الحفاظ على ما شيد و تعزيز ما اكتسب و ترك آثارنا واضحة لمن سيأتي بعدنا .
التربية واجب وطني و حق على الجميع الانخراط فيه .و يجب أن يحاسب و يقيم الكل في مجال التربية لان الأمر يتعلق بالمواطن
الصغير الذي لا يمكننا باي شكل من الاشكال أن نربيه وفق أمزجتنا و مصالحنا .
يجب علينا أن نتغلب على تلك الازدواجية المستديرة بين القول و الفعل
الحقيقي ،و ان نكون حاسمين في الفعل الذي
يؤثر في تكوين أبعادنا و أبعاد واقعنا .
على الهامش :
هذا رد فعل على دعوات بيع المدرسة العمومية و تجاوبا مع دعوات تدعوا الى
حماية المدرسة العمومية من الانقراض .اتمنى ان اكون قد قدمت رؤية تجيب على ما يجب القيام به للخروج من الازمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق