الجمعة، 23 يونيو 2017

التعليم كما عايشته (35) :الرياضيات مادة سيئة السمعة ؟

                                                                                        الرياضيات مادة سيئة السمعة ؟
                                 
في إحدى مقولات  جاليليو عالم الفلك الايطالي  قال :أن الرياضيات هي اللغة التي كتب بها الله الكون،و نحن لا نتفق معه لاننا لا نعرف سر خلق الكون  .مثل هذا التفكير المندهش في عظمة هندسة  الكون و نظامه   يحيلنا إلى أن كل ما يحيط بنا يخضع لمنطق رياضي و حسابي .و علينا اكتساب مفاهيم رياضية لحل مجموعة من المسائل تواجهنا في حياتنا اليومية ،و لحظة بلحظة .و الغريب أن المتعلمين لا يخفون نفورهم من الرياضيات و يجدونها صعبة و مملة  للغاية .

و يتفق خبراء التعليم  على أن الرياضيات هي مادة مهمة للتنمية  الفكرية .و مساعدة الأطفال على اكتساب مهارات التفكير المنطقي و المنظم .
و إعداد العقل للنقد و التجريد و باختصار" التعلم على التفكير"
هناك الكثير من المختصين في الرياضيات يؤكدون أن مفتاح النجاح فيها هي التعلم منذ البداية .يجب اغتنام الفرص للإشارة و التوصيف و التحديد للطفل ما يفعله و ما يدور  حوله و حساب ما هو قابل للقياس و ذلك منذ الخطوات الأولى في الحديقة حتى إلى مفاتيح اللوح و الحاسوب .و غيرها من الأجهزة الالكترونية التي تمكنه من التعلم في المنزل .و بالطبع الرياضيات تحتاج للجهد و المثابرة ,
أعتقد أنه يجب أن يتكون لدى الآباء اهتمام واضح لحصول أبنائهم على الخلفية الرياضية  الجيدة و الصحيحة . تتهم الرياضيات كمادة صعبة و يستحيل استيعابها في بعض الأحيان لتعقيداتها الملتوية . و مما لا شك فيه أن الفهم العميق  للرياضيات يتطلب القدرة على التجريد و يجب ان تكون هذه القدرة متناسبة أو متطابقة أو مألوفة لدى اللغة الرسمية . و من الأكيد أن جزءا كبيرا من سوء الفهم للرياضيات مرده إلى المناهج التعليمية الخاطئة ،لأنها أثبتت عجزها أن تظهر أو تعرض على الطلاب رياضيات إبداعية  تبتعد عن الرتابة و التكرار ،رياضيات تقترب من واقع الحياة  الأساسية و اليومية رياضيات  تقتحم الوسط و  تلامسه و تحدده و تحاججه بمسلماتها و تحل مشكلاته بواسطتها .
كما يلاحظ انه رغم بعض  الجهود المبتكرة من طرف المعلمين في الوسائل و الطرق  لتحسين تلقين المفاهيم  الرياضية ،فان الأغلب لا زالوا يلقنون هذه المادة بطريقة جامدة و فاترة بل أن ممارستهم التعليمية تسقط في الميكانيكية و الروتينية  التي يطبقونها على الطلاب الذين يجدون صعوبة في الفهم.
حسب رأيي يجب تحسين تكوين مدرسي الرياضيات و خاصة في المدرسة الابتدائية. يجب التوفر على مدرسين يدرسون كيف تدرس و تلقن  الرياضيات .
جميع الطرق المؤذية إلى تدريس الرياضيات وجب أن تعمل على حل مشكلات حقيقية و ملموسة و تمثيلات و بيانات  بصرية  من أجل   تسهيلها  و تبسيطها و نحن لا نتكلم هنا عن الحفظ و التخزين أو القيام بتلك العمليات الشاقة بدون أن يفهمها و لا  يفهم لماذا يقوم بها ,و حتى و هو يغادر التدريس إلى عالم الشغل لا زال لا يعرف لما درسوها له .
الرياضيات ؟ من الممكن أن نبدأ تعلمها في السنوات الأولى لحياتنا و بمساعدة البالغين : مع الأبوان مثلا : الركوب في السيارة و قطع المسافات و التبضع من الأسواق و  أوقات اللعب ....كل هذه الأشياء من الممكن تقريبها و شرحها و تبسيطها  للطفل و مساعدته في الحساب و خلق لديه تلك المتعة الحسابية ان صح القول لان الحسابات هي طرق غالبا ما تكون ملتوية تؤذي إلى اكتشافات ..و للطفل ميل طبيعي إلى التمتع بالاستكشاف  ، الجمع و الطرح و الضرب و القسمة عمليات بسيطة تستدعي استخراج مهارات لحل مشكلات يومية بسيطة أو معقدة .و كذا أشكال هندسية لطرقات و حدائق و صوامع ...و نعلمه بطريقة بديعة أن الهندسة هي موسيقى الصمت و الإبداع في التكوين و الخلق .إننا هنا بصدد خلق معروض وافر لفهم الرياضيات عن طريق التطبيق و غرس المبادئ الأولية لتحبيب الرياضيات لأطفالنا و جعل المسائل المجردة متعة يمارسها العقل قبل أن تكون مهمة ثقيلة على تفكيره .هذا العمل يؤسس للفهم و التطبيق و التحفيز .
ينجح أطفالنا و يمرون إلى مستويات أعلى و لديهم ثغرات كثيرة في فهم الرياضيات و بعضهم يصل إلى الجامعة و هو لا يعرف لماذا يقرأ مادة أقرب إلى العقم من الإبداع و الابتكار ،إن الطلاب يقومون بأشياء في الرياضيات دون أدنى فهم لما يقومون به و يصلون إلى كليات الهندسة و أقصى ما يعرفون عن الرياضيات معادلات جافة .
دماغ الطفل مرن و قابل للتعلم ،و ما يجب علينا هو أن نختار طريقة مثلى نقدم له فيها الرياضيات سهلة و ممتعة و مقاسة ومنظورة ..بهذه الطريقة أكيد سننزع من قلب الطفل ذلك الرهاب و الخوف  من الرياضيات و الخوف من الخطأ حيت أن الرياضيات تتطلب من جميع الأطفال الإتيان بنفس الإجابة .و أن لا نهول كثيرا من أخطائه في الرياضيات أثناء العمليات الأربعة لان الهدف هو تنمية مهارات أعلى و أسمى مثل التفكير المنطقي و الصرامة و الحزم في التحليل الرياضي ..و مساعدة الطالب على التفكير المنظم و الواضح .و التحرير الجيد للأفكار .
وحتى و نحن نخطئ في الرياضيات لا يجب أن ننسى المكافئة :فنحن لا شعوريا نطور مهارات أخرى جد مهمة. على سبيل المثال لا الحصر:التفكير المنطقي و الصرامة الرياضية و الحزم الرياضي ..و هذه أشياء يمكن أن تكون وسائل حاسمة  تساعد الطفل على التعبير بوضوح و تنظيم و كتابة أرائه على نحو أفضل ،و سيتعلم على انه لحل مشكل ما عليه قراءته جيدا و أخد الوقت الكافي لذلك .
يجب أن ياخد الطفل الرياضيات معه الى المنزل و نحن هنا لا نعني كتاب أو مقررات الرياضيات بل الرياضيات كأنشطة يومية للحساب و القياس و الاستكشاف ودلك بمصاحبة والديه .  و من البديهي  إن يكون  معروضنا الرياضي للتلميذ متناسبا مع مستواه ..هناك باحثان اسبانيان : دانيال غونزاليس دي فيغا وخافيير ارويو يؤكدان ان 15 دقيقة في اليوم مع الطفل خارج المدرسة من الرياضيات تزيد من خفة  الحركة العقلية والقدرة على الحساب و تعزيز القدرة الرياضية  للطفل في المدرسة الابتدائية .كما أن التمارين كلما كانت ديناميكية و جذابة و بديهية تستجيب للحاجات الحقيقية للطفل ستكون مفعول قوي و حاسم في التكوين الرياضي على الأمد الطويل لا القصير أو المتوسط فقط .
كما ان هناك طرق أخرى لإثارة هذا الموضوع .مثلا المسابقات و الألعاب و الاولمبياد ...حيت أن تنظيمها بين الأطفال و على غرار بطولات الكرة ..و كذا بطولة الشطرنج على الطريقة السويسرية ..كل هذه الأنشطة من الممكن إن تولد لنا ثورة في الاهتمام بالرياضيات .مسابقات و ملتقيات من خلالها يمكنهم قياس معارفهم الرياضية و كذا الاستمتاع بالتنافس الشريف و تقاسم المعرفة للتحرر من العبودية .
التعليم هو في الأصل مشكلة اجتماعية .من المفروض إن يكون له وكلاء و أطراف عديدة تسهر عليه ،لكن التعليم عندنا منبوذ و مرمى كليا على كاهل المعلم .و إذا كان مستوى التعليم في الحاضر  هو مستوى ما سنكون عليه في المستقبل ،فيجب إن نشد على قلوبنا :نحن نورث لأجيالنا القادمة الضياع .فالأجيال الحالية مثلهم الأعلى هم أشخاص حقيرون و تافهون  في مجال الكرة و السينما و الغناء ..و هؤلاء النماذج لا يضيفون أي شيء الى معارف الطفل أو مداركه و ليسوا أفضل المحفزين للقراءة و التعلم  بل هم يدمرونها على أغلب تقدير .لنتصور لو كان عندنا ميسي في الحساب أو رونالدو في الهندسة....و برعاية شركات المشروبات الغازية و الغازية للعقول و الأبدان ..و مسابقات أندية الأقسام ... ربما كنا نبني لمن يأتي بعدنا عالم جميل .
و اخيرا نستعرض هنا بعض النقط او الإرشادات التي يمكن إتباعها أو الاستئناس بها في المنزل لتطوير المهارات الرياضية للطفل و هي إرشادات لمدرسة بكاتالونيا  لسنة 2000 حيث كنت اعمل منظفا في تلك المدرسة  :
-دور الوالدين هو المفتاح الرئيسي لتحفيز الطفل .و مرفوض كليا نقل خوفهما من الرياضيات  أو عدم الارتياح لها للطفل
-أن  نعلم الطفل فضيلة التركيز :جوهر الرياضيات
- تعويده على العمل كل يوم في المنزل (15) دقيقة فقط
-يجب أن يفهم الوالدين ما يتم تلقينه للطفل و يجب تعويد هذا الأخير أن يسأل عن ما لا يعرفه أو يدركه .
-يجب أن يفقد أو ينعدم الشعور بالخوف لدى الطفل أثناء الوقوع في الخطأ ،لأنه من الخطأ نتعلم بطريقة أفضل .
-التشجيع على القراءة (لكي يعطي حلا للمشكل )
-اغتنام كل الفرص الممكنة لتطوير مهاراتهم الرياضية باقتراح ألعاب و مسائل  
-الشطرنج ،لعب الورق  لعبة فيديو ثنائية ...لكن لا تنمي له المنافسة الشرسة .نحن هنا لنلعب و نستفيد .
-زيارة الملتقيات الرياضية ...(التي لا توجد عندنا ...ربما مستقبلا )
-الشبكة الافتراضية هناك الكثير من المدارس والمواقع التي تعنى بالرياضيات



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق