الجمعة، 18 أغسطس 2017

التعليم كما عايشته (43):الإصلاحات و الوعود الانتخابية و النقابية



التعليم كما عايشته (43):الإصلاحات و الوعود الانتخابية و النقابية
 نحن أمام منتوج يفسد بين أيدينا كما تفسد صناديق الطماطم .و وسط هذه الرائحة العطنة التي أصبحت تزكم الأنوف إن نحن لم نقم بما هو واجب علينا القيام به ، فسنكون أمام فرصة أكل الفاسد   إهدار و ضياع ما تبقى  .

Résultat de recherche d'images pour "/education"












بعد سريان "الإصلاحات الهيكلية" لم يعد الجمهور يسمع عن الخطب  الحماسية و الوعود و التعهدات الانتخابية من كبار رؤساء  الأحزاب السياسية و النقابية. و من الواضح جدا تبخر المرشحين الذين ادعوا أنهم ذاهبين إلى المجالس لتحسين الشغيلة التعليمية و توفير ضمانات العمل للعاملين بحقل التربية و خلاصة القول السهر على حقوق يحفظها الدستور .و هذا تناقض في حد ذاته ، و يحيلنا إلى أن حقل التربية و التعليم ليس آمنا . و هو محتاج إلى حراس يسهرون على احترام الحقوق يضمنها الدستور بما فيها حق التعليم لكل مواطن.
و هم لا ينكرون في الغارات الخطابية الموسمية  أنهم  محتاجين فقط لتعاطف انتخابي مقبول يتيح لهم ممارسة قانونية ديمقراطية للاحتفاظ  بالسلطة أو الوصول إليها .
و مع ذلك هناك واقع مدرسي و تعليمي قوي يجعلنا نرى و نقف على كتل كبيرة من  الاهداف المعلنة من الاصلاحات والوعود الانتخابية التي لم يتم الوفاء بها  بل أكثر من ذلك تعرضنا لوهم كبير ،هذه الاهداف و الوعود أصبحت بعيدة المنال ،اكثر من اي وقت مضى و هذا يسمى تقهقرا و تراجعا الى الخلف .
لكن الحالة ككل تدعو الى القلق ، ففي الوقت الذي يكافح فيه المواطنون  مستميتين ضد الفقر و البطالة و تدني الاجور و الجريمة ...هناك حكومة تحاول  تحسين درجات الاحباط و اليأس لدى المواطن و جعله أقل تحملا للشرور .و هذه مفارقة غريبة .
Résultat de recherche d'images pour "/education"
في بلدنا التاريخي و الغني بكل شيء و الذي يزخر بثروات تسد عين الشمس ،كلمتان تلخصان معظم جوانب مشاكلنا :الفروق الاجتماعية ,و هذه هي المشكلة التي نعاني منها بامتياز ،و بدلا من  تصحيح الأسباب الهيكلية الحقيقية بتوزيع أفضل للثروة و إتاحة الفرص لتحسين الأوضاع الاجتماعية  فان الحكومة تنتهج سياسة التهييج لرجال التعليم من اجل خلط الأوراق و إعادة ترتيبها لتبرير قوانين جديدة مجحفة ... اين هم اهل البصيرة ؟ و اين هو اليسار الانساني ؟
على سبيل المثال ،و على وجه التحديد  المكاسب داخل حقل التعليم عرفت انتكاسات عديدة خلال مراحل الخصخصة و الانفتاح على السوق ، بل ان هناك فئة  عانت  من حصار طويلا في العدالة الاجرية (ضحايا النظاميين ). إصلاحات مالية لم تضعف المالية العامة بل أضعفت الإنفاق العام و كان التعليم ضحيتها الأولى .
في ذروة القسوة و العمى و الصمم جاءت الحكومة لتخمد الحريق بصب مزيد من الزيت عليه و ايصال المعلم الى الوضع البيروقراطي و الى حالة اللائمان  في وضيفته و إلى عدم اليقين مما يفعله و من المستقبل و طلاء مستقبله و مستقبل التلاميذ بلون اسود و حالك. و هناك قوانين أخرى  آتية في الطريق (و هي بالمناسبة توجه عالمي و إملاءات  خارجية) سوف تهدد أكثر وجود المعلم و التلميذ في مناطق حساسة لديهما :الجذور .
و أسوأ من ذلك هناك  بعض الموظفون في التربية و التعليم و  بعض مدراء بعض النظم الفرعية المرتشين  و مع بعض أصحاب الشركات العديمي الضمير من يحولون إدارات المؤسسات و الموارد إلى ضيعات شخصية لهم و رثوها عن أبائهم أو عن الاستعمار ، وكما لو  إن العاملون في حقل التربية ليسوا إلا عمالا يرتبطون بهم ليس لديهم ادني استقلالية ،و أن الأطفال الذين يدرسون ليسوا إلا وسائل ، هم و معلميهم في يد النظام التعليمي ، وسائل  يجب الابقاء عليها باحتياجات و مشاعر  إنسانية أقل .
نحن أمام منتج تربوي فاسد خرج لنا من رحم الأزمة التعليمية المتعددة الأطراف التي يعيشها نظامنا التعليمي  و التربوي .و تعليق إلى أجل غير مسمى لإصلاحات تربوية ابتدأ تطبيقها .
و نحن أمام مربين و معلمين تخلوا طواعية عن وضعهم التربوي و التعليمي  و قبلوا بوضع عمال مهن التربية و التعليم .و تخلوا عن ريادتهم للمجتمع و قبلوا أن يصطفوا وراء سياسيين و نقابيين تافهين و جاهلين
و نحن أمام نقابات لم تعارض حتى مشروع قانون التقاعد ،فكيف لها أن تلتفت الى تغيير  يمرر تحت أنظارها من "إصلاحات تربوية" ، ربما لأنها تعرف جيدا أن خياراتها و بدائلها  و مجالها الحيوي لا يخرج  أبدا عن الدفاع عن مصالح و حقوق المعلمين المباشرة . ما تأتمر به من   و لا تفعل إلا ما تشير به أحزابها و  موظفو التربية و التعليم  الموجودون في اعلى الهرم .
نقابات لم تفعل شيئا أمام الإصلاحات المدرسية المتعاقبة و التي أوصلتنا إلى الحائط المسدود للفشل ،و رغم تشدقها بالنضال و الجماهيرية لم تصدر أي قرارات جذرية لإلغاء الإصلاحات التي تهدد التلميذ بل تهدد و بشكل نشط المعلم و ممارسته السليمة للتربية و التعليم .
الوزارات التي كانت تعلن الإصلاحات كانت وراءها دائما النقابات المتسيسة .دعم مخجل قدمته النقابات المعارضة و الموالية للحكومة لما يمرر الآن من قرارات مجحفة و مجانبة للصواب التربوي التعليمي و بالمقابل تطمئنهم الحكومة  على إقطاعياتهم :السيطرة على ساحات الخطاب و الاستحواذ على   الميزانيات و تنظيم  البيروقراطية  و عضويات مجالس  الريع ...و متى أحست النقابات بقرارات جديدة تسحب منها هذا الريع ،فإنها أي النقابات تضغط على الزناد و تدعوا الرفاق الذهاب الى الحرب ضد الوزارة  (إضرابات و اعتصامات ) . خلاصة القول : التواطؤ المنظم للفوضى القانونية  .
و هكذا فان النضال الحالي  للنقابات لا علاقة له بتنظيف البيت التربوي من العفونة ،و لا الدفاع عن مصالح المعلمين ،و لا القلق الأخلاقي من هذا العبث في مستقبل أجيال يفترض أنهم شاهدين على محو إنسانيتها و سلبها حقوقها  ،  و لا علاقة له بالتقييم العادل للمعلمين و حقهم في تحديث تكوينهم من اجل مسايرة التحولات السريعة . ما يبرر وجود النقابات هي الدعايات السياسية و الانتخابية و المصالح الشخصية . ربما وجودهم بهذا الشكل و هذا الأسلوب هو لدرء خطر لا نعرفه .
و هناك متطلعين و متلهفين للموارد المالية المرصودة للإصلاح  لمواصلة الاستفادة من ميزانيات المدرسة العمومية و ميزانيات الحكومة .
ليس هناك إي مشاركة فعلية و حقيقية من الإطراف التي تعنيها المدرسة ،و ليس هناك ادني مراجعة حقيقية لمسببات الفشل كما تغيب النظرة العميقة لمناطق و نقط الإصلاح الحساسة لصالح النظرة السطحية . لا أحدا تكلم خارج المقهى عن مصير الميزانيات السابقة المرصودة للإصلاحات ،لا أحد حدد محتوى الأهداف المخططة و المناهج الدراسية التي قادتنا الى الفشل .

هاته هي الأسباب الجذرية لمشاكل  الفشل التي نصر على إعادة تكرارها في كل مرة و التي تبعدنا شيئا فشيئا عن الرفاهية و السلم لبلادنا  .
Résultat de recherche d'images pour "/education"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق