التعليم كما عايشته(44)
التعليم كما عايشته(44)
أكاذيب الاصلاح
التربوي
يقومون بحملات
تعليمية و اعلامية و مؤسساتية من اجل إقناع جمهور المعلمين الحائر و جمهور
المتعلمين اللامبالي و اللاملتفت (ان صح التوصيف) بجدوى الإصلاحات التربوية
المستعجلة و فوائدها لانهاء هاته الازمة المستدامة في نظامنا التعليمي .
يروجون كثيرا للإصلاح
.و لكن أي إصلاح ؟ إصلاح بدون معلم . يتم إعداد خدمة مهنية للتدريس
و لن نفاجأ في
المستقبل إذا رأينا و عايشنا مراكز التكوين المهني الدنيا يعهد إليها بتكوين
معلمين لإعداد رجال المستقبل ...و لماذا كل القرارات الإدارية تصب و
تسير نحو إعطاء المدارس الاستقلال الذاتي في تدبير أمورها ؟
الإصلاحات
التربوية الأخيرة لا ترفع من جودة التعليم العمومي كما تدعي بل أنها
لا تلتزم باحترام حقوق المدرس .
هل التعليم في
ملك الجميع ؟ فرغم التأكيد على عموميته
فان الإصلاحات الأخيرة التي عرفها هذا الحقل المفروض انه مشاع ، إصلاحات تستمد
روحها و جوهرها من الخصخصة .
الخطوات المقبلة
و التي سيفسح عنها الإصلاح هي قوانين تقويم المعلمين ،الذين سيحدون من هامش
حرياتهم و إبداعاتهم ليكون ممتثلين للمتطلبات التي تعتبر ضرورية لتعليم
"الجودة" و توفير تعليم "جيد" ..
في الوقت الذي
يقولون انهم يقدمون إصلاحا تربويا هم في الحقيقة يقدمون إصلاحا عماليا(مشتق من
العمل) ، و يزرعون الشك و الارتياب و الجهل بالمستقبل في المعلمين ، و عدم اليقين في مصدر دخله الوحيد
و في ترقيته و أدائه كمعلم و مربي .
و كدليل على
الروح الاستبدادية للإصلاح لم تطلق على المستوى الرسمي حملات واسعة للتعريف به كما
انه لم يكن هناك تشاورات و توافقات عليه أثناء إعداده و أثناء الترويج له و لم يكن
هناك نقاش كاف له في المنتديات و الإعلام .
لا الملصقات و
لا الاشهارات في الدليل السياحي لوزارة التربية الوطنية و لا التصريحات الإدارية كانت خارطة طريق واضحة المعالم شرحت لنا كيف سنحقق الأهداف المعلنة لهذا الإصلاح في أفق 2030 ؟ و شخصيا لدي اليقين
أن لا شيء سيتحقق لان معظم التعديلات التي يدخلونها الآن هي في الحقيقة تسير في
الاتجاه المعاكس لما اتى به الميثاق و يخطط للسعي له .
إن الإصلاح
التربوي ليس له مشروع تعليمي واضح و يفتقر الى التنزيل و التطبيق الواضح . و ليس لدينا ادني فكرة إلى أين سيقودنا هذا الإصلاح
و لا يجيبنا عن كيفية حل أهم مشاكل القطاع البيداغوجي فهو مثلا لا يعطينا حلولا لوضع حد لللامساوات و
لا التخلف التربوي التعليمي الموجود في
البلد ...؟
في الحقيقة ما
تم إصلاحه ليس تربويا و إنما إصلاحا عماليا و إداريا مقنعا . ما تريده الدولة هو
الاستفراد بكل المعلمين و المديرين و في
كل شيء ، و نزعهم من يد النقابات ،لأنهم سيفقدون حقا مكتسبا :الاستقرار في العمل .
على الرغم أن
النتائج التعليمة و التربوية هي نتاج عدة أطراف و لا تعتمد حصرا على المعلمين ، إن
الإدارة المنظرة و المخططة و المقررة
للتعليم ترى أن التقدم التعليمي للتلاميذ هو شيء يخص المعلمين وحدهم ، و هم وحدهم
المسؤولون عن هذا التطور و لهذا السبب إصلاحات عديدة أدخلت هدفها وضع آليات
للسيطرة على مهنة التدريس عبر إبعاده أولا عن المشاركة في بناء تصور للمشروع
التعليمي عدم الاهتمام الجدي بتكوينه و تدريبه لا حقا.
ومن المثبط و
المحرج و من المخزي ... ان نرى النظام التعليمي ببلادنا يدار كشركة خاصة .و لا يتحرك الا وفق توصيات و املاءات خارجية .
منظمة التعاون
الاقتصادية و الراعي الرسمي لعدد من المشاريع التربوية في العالم حذرت
(أنظروا معي هذا تحذير ) من التهاون في ارخاء العنان للمعلمين و أكدت أنهم
يجب أن يكونون خاضعين للمراقبة و خاضعين للمساءلة على أساس اختبارات موحدة ينبغي
أن تسفر عن مكافئتهم بالبقاء في مناصبهم
أو معاقبتهم بالفصل , و هذا بالطبع
من اجل أن تكون المدرسة ذات تحفيز اقتصادي و لا يهمها التحفيز
التربوي أو التعليمي أو الوطني .
الوصفة الدوائية
التي تحددها هاته المؤسسة لا تترك لنا مجالا للشك : بلدنا محتاج إلى نظام تقييم
المعلمين على أساس معايير محددة ، مكافئة
المعلمين الجيدين و تقديم الدعم للمعلمين ذوي الاداء المنخفض و فصل و استبعاد
المعلمين ذوي الاداء المتدني الذين لا
يبدون استعدادا لتطويره . و يجب خلق دائرة ل "التدريس المهني " تعترف بالأسس
الموضوعية للمعلمين و ضمان وصولهم إلى الوظائف التعليمية ستكون وفق جهودهم و
أدائهم الشخصي كما أنه ستساعد الأساتذة والمديرين والمشرفين على اليقين
بوظائفهم والاستقرار فيها والظروف العادلة
في تعزيز وظائفهم و سوف تكون هناك قواعد شفافة و واضحة و عادلة تضفي الطابع المهني
على المعلمين و ضمان تعزيز حقوقهم .... كلام إصلاح يراد به تقنين و إمكانية فصل المعلمين و المديرين الذي
لديهم موقف محايد او معارض ...بلغة أبسط : إعطاء مشروعية للطرد من المؤسسة لكل من
لا يروق لهم بحجة عدم حصوله و تحقيقه مؤهلات كافية في التقييمات التي يتم تنفيدها
. و من هنا خلق بيئة غير أمنة و يصعب الوثوق بها : الشك في الدوام في العمل و ما يترتب عن ذلك من آثار
مدمرة على جميع الأصعدة .
الميثاق
يدعي أن استقلالية الادارة سيضمن ايصال الموارد العامة إلى المؤسسات و أن هذه
الموارد ستستخدم بفعالية مما يجعلها ضامنة
للتعليم المجاني ...؟ و هذه مغالطة .التشريع يحث الاباء و الاولياء على المساهمة
في تكاليف التدريس بمساهمات مقننة و يسمح
للشركات الخاصة بالدخول الى المدارس بلا استئذان ...وبدون مواربة و لا دوران و هذا
يطلق عليه اسم بارد ينزل علينا كالثلج : الخصخصة
ما
يغيظني و هو أنني لا ألمس تعبيرا منظما عن السخط من ما يقع خلف ظهر الجمهور و أمام
أنظار المعلمين و النقابات و الجمعيات بكل ألوانها ، و يظهر لي بصورة متشائمة أن الكل ماض في ابتلاع ما قدموه له في الوصلات
الاشهارية المؤسساتية و الوزارية و الإعلامية ... ربما في الأشهر القادمة أو
السنوات الغير البعيدة سوف لن يهطل المطر ...ستنبت فقط الزوابع و يعم
الظلام .
https://www.youtube.com/watch?time_continue=956&v=mSSGPYKLEv8
ردحذفشكرا
حذفشكرا على تعليقكم و اشارتكم المفيدة
ردحذف