الجمعة، 12 يناير 2018

التعليم كما عايشته :(51): الإصلاحات التعليمية :الذهاب نحو الجذور

التعليم كما عايشته(51) :

الإصلاحات التعليمية :الذهاب نحو الجذور

" و ماذا تعني الجذور حينما لا تتسامح معها التربة ؟"   كارين تويل

Résultat de recherche d'images pour "raiz"

الإصلاح  التربوي هو نضال تربوي يومي  لا يهتم بمداعبة الجذوع ثم بعد ذلك يأكل الفواكه ..بل يذهب مباشرة إلى الجذور .


يجب على من نصبوا أنفسهم   مصلحين أن يعرفوا أن التربية هي السبب الجدري و لكل   المشاكل من داخل التعليم و من خارجه  .و غيابها يعكس كليا ما نحن عليه في الوقت الحاضر .
نحن نمارس التعليم لكننا لا نمارس التربية  .
إذا كنا أصبحنا نتوفر على تعليم فاسد و سلوكيات فاسدة ، وجب علينا نزع و عزل البذور الفاسدة ، و فحصها من الجذور لتوفير الدواء اللازم لمعالجتها من الميكروبات و الطفيليات العالقة .و سنبحث عن جميع العلاجات الممكنة لأنه لا حاجة لنا للتخلي عن هذه البذور المريضة أو إعدامها .
الإصلاحات الجديدة هي دائما شيء جديد و مقلق أو حتى  مؤلم للجسم التعليمي و لكن الصواب يستدعي منا علاج الجرح قبل غرزه و  ترتيقه .و إذا لم نفعل ذلك سنكون مجبرين على إعادة الشيء نفسه : الفشل و مسبباته .و ستكون كل خطواتنا تضحية عديمة الجدوى ،و لن يتذكرها لا التاريخ الشخصي للمعلم بل حتى تاريخ التعليم  و ذاكرته الجماعية .
تقريبا معظم المصلحين للتعليم في المغرب كانوا فلاحين فاشلين  : بسرعة يسمدون (من السماد) الجدع من أجل تخصيبه ، و عوض أن يتركوا النبتة لتلبية احتياجاتها الطبيعية الأولى من شمس و ماء و تربة ،فإنهم يتدخلون لتحديد قياسات طول النبتة لتمطيطها أو تقليصها حسب المعايير الموحدة الاقصائية , ثم يجلسون تحت الشجرة متهافتين لأكل الثمار التي لن تكون بالطبع ،إلا فاسدة .
جذور التربية الاجتماعية

أن تكون تربويا و تطبق التربية هو محاربة  للظلام على محمل الجد ، و هو النضال اليومي الحقيقي الذي مطلوب منا ممارسته ليس داخل "أسوار المدرسة " بل خارجها أيضا ، النضال التربوي يجب أن يحظى بالدعم على كل المستويات ، انه نضال يسخر من الاديلوجي و الحزبي و النقابي و التعصبي و المذهبي  ...هؤلاء الحمقى و السطحيين الذين هم الآن  يسخرون منه و يتطاولون على اختصاصات التربية في  تأطير المجتمع .

طيب ،و ماذا يعني الذهاب إلى جذور المشاكل ؟ يعني المعرفة الحقيقية للاحتياجات الشخصية للكائن الصغير للتعامل معها و ليس التعامل مع أشياء غريبة عن الطفل و لا أهمية لها من ناحية وجدانه و عواطفه و وسطه الطبيعي و علاقته بمجموعته و تفاعله و تعايشه  مع المجموعات الأخرى المكونة للنسيج المجتمعي .
إعطاء الكائن الصغير التعليم فقط و حرمانه من التربية انه كمثل أعطاء الإذن بالإقصاء من المجموعة و إعطاء الإذن بالحرمان و التهميش و خلاصة القول إعطاء للإذن بالقتل البطيء طوال حياة الفرد .
الصورة الجدارية : الطفل أعزل إلا من براءته واقفا أمام فريق الإعدام و قد وجهت فوهات البنادق الإصلاحية إلى صدره .و مطلوب من الطفل أمام فريق الإعدام أن يستحضر الخوف في كل لحظة ،التجرد من إنسانيته من مشاعره و عواطفه التنكر لاحتياجاته الشخصية لصالح احتياجات البالغين ...ان أراد أن يسمح له البالغ للارتقاء الى مستوى موالي .
و جرائم برمجة التعليم غير معاقب عنها . و حينما يراد للتعليم العمومي أن يدخلوه إلى قفص الاتهام  ، فأول شيء تقوم به الحكومة هو توجيه الاتهام للمدرسين .و تهمة المدرس جاهزة و صالحة في كل الأحوال لإبعاد الرأي العام عن الفاعلين الحقيقيين لهاته الجرائم  .
إذا كنا في إصلاحاتنا لا نذهب إلى الجذور و ننكب على الجذوع غير ملتفتين إلى ما يحدث في الأسفل  سنكون مثل الكومبارس أو المهرجين الذي يريدون أن يخطفوا الأضواء في مأدبة الأيتام الصغيرة . كل ما نفلح فيه هو ان  نقدم للطفل قائمة طويلة من الممنوعات كما يراها البالغ (و البالغ هنا ليس الا السلطات الاقاصادية و الاجتماعية و الاعلامية ..) و كما يريد  أن يجعلها "الطريق المستقيم " الذي لا يجب على الكائن الصغير أن يحاذي عنه .
هناك مجموعات تسيطر على الإصلاحات التربوية برمتها مستخدمة  مؤسسات و ادارات و أحزاب و نقابات ...و لانها غير مختصة لا بالتربية و لا بالتعليم، بل هناك من مقرريها و مخططيها من لم يسبق له أن مارس مهنة التدريسو ليس له دراية أو اختصاص تربوي ، مما يجعل اصلاحاتها تقتنى من الخارج كما تقتنى الثياب الجاهزة  التي تمت حياكتها وفق مقاييس غربية تلبي حاجيات الطقس و الوسط و التحرر ...  
و غالبا ما تهبط الاصلاحات كالمظلة فوق رؤوس  المعلمين التي عوضا ان تمنحهم الطمأنينة و الامل لاخراج الاطفال من المستنقع الآسن فانها فقط تمنحهم مزيدا من القلق و الضياع و عدم الثقة في المستقبل ..كل الاصلاحات كانت وصفات خارجية لمعالجة التعليم بمهدئات و مسكنات لا تستطيع أن تستر و تغطي هذا التردي في الحقل التعليم و لن تكون مستقبلا قادرة على إسكات الاحتجاجات على الظروف الكارثية للتربية و التعليم الذي يعيشونها المواطنون الصغار .
Résultat de recherche d'images pour "educacion /raiz"

التعلم هو السطح الظاهر من الحياة ،أما التربية هي جوهر هذه الحياة .و من الخطأ جدا أن نعتقد أن التركيز على تعلم العلوم و الرياضيات و اللغات وحدها سيكون حلا للتقدم في المستقبل و الخلاص نحو الرخاء  ، لان أفرادا بارعين في العلوم و المعادلات الرياضية و رغم التحصيل العلمي و الأكاديمي الذي وصلوا إليه يجدون صعوبة كبيرة في التعايش مع مجتمعهم و وسطهم الطبيعي و الثقافي ، بل يفشلون في إقامة صلات مع أفراد مجتمعهم ,لأنهم ببساطة لم يحصلوا على تربية في دراستهم ما حصلوا عليه هو تعليم أكاديمي تقني يستجيب للاقتصاد و الشركات أكثر مما يستجيب إلى الحياة و التعايش فيها .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق