التعليم كما عايشته (52): أسئلة لوزير التعليم الجديد
أسئلة لوزير التعليم الجديد
معالي الوزير الجديد :
بداية أود أن أحييكم تحية وطنية خالصة .و أهنئكم على قبول
هذا التحدي الهائل .التعليم هوأساس الأمة و رافعتها نحو الاحسن ،و عليه انتم
تعرفون أن على عاتقكم أهم وزارة في الحكومة .
و ليس مهما أوجه القصور الحالية في أنظمتنا لان تنمية البلاد في النهاية ،ترتبط
بما بقرارات الساكنة .و هاته القرارات لن تكون إلا انعكاسا لما تقدمه التربية و التعليم .و نحن في أمس الحاجة
للتربية على القيم التي تولد لنا تغييرا واضحا و توافقا اجتماعيا و الموافقة
الطوعية لمواطنينا على احترام القانون و
المحافظة عليه .
مطلوب منكم اتخاذ قرارات عظيمة فيها الكثير من الحزم و الحكمة في هاته الوزارة
المعقدة و الإستراتيجية .مطلوب منكم تجميع كل الأقطاب المسؤولة عن التعليم و جميع
الفاعلين الاجتماعيين من أولياء و معلمين و الممثلين و المجالس و المؤسسات
الاجتماعية و السياسية و مشاركهم المسؤولية
عن هذا التعليم .
مطلوب منكم أن تخرجوا من وزارتكم و تلعبون دور اطفائي
الحرائق ، و ستجدون صعوبة كبرى للدفاع عن قوانين ربما لا تأمنون بها .و لكن الوضع
الكارثي يستدعي منك التدخل الحاسم ، لان الاصلاحات التي نجنح اليها تنتج لنا دائما
الشيئ نفسه :الفشل .
مطلوب منكم سيدي الوزير شجاعة لتحسيس الجمهور ، و أن تذهبوا أبعد من المدرسة . و ربما المطلوب ، الاعلان عن ميثاق وطني للواجبات التربوية و
التعليمية للمواطنين و السياسيين و النقابات
و المؤسسات الاعلامية ...كل من
هؤلاء له نصيبه في المساهمة بدوره في تلويث البيئة التربوية و التعليمية و خاصة الاعلام الذي يفرد صفحات و
برامج عديدة تافهة تساهم في محو كل ما يدرسه الطفل في المدرسة و نفي كل ما يفعله المعلم من مجهود .
و مطلوب منكم أن
تنأوا قدر الإمكان عن مسببات الفشل لسابقيك الذي نحن في غنى عنه الآن . فالثمن المؤذي للتربية يتم دفعة واحدة بينما
الثمن المؤذى للجهل يتم على دفعات و مدى الحياة هكذا نطق الحكماء . ففي التعليم لا
توجد معجزات و لا أسرار ،يكفي الارادة الجماعية للنهوض بهذا القطاع .
بغية الاستفادة من الوضع الحالي و نظرا لفراغ كرسي وزير التعليم ، ارتأيت منذ مدة ،
توجيه خطاب و أسئلة و هواجس .. إلى معالي الوزير القادم . أتمنى أن أجد الأذن
الصاغية والصدر الرحب و التجاوب مع
تساؤلات رجل تعليم بسيط . و من المنتظر أن تكون هناك أسئلة أخرى مستقبلا انشاء الله .
و تقبلوا
احترامي و دعمي التربوي و التعليمي .
0- رجاء أن تعيدوا تسميتي بصفة "المعلم " عوض صفة "الأستاذ " الأستاذ يدرس لفترة محددة و يتنقل بين الصفوق أما أنا ثابت ،أدرس مدى الحياة .هل تعتقدون سيدي أن الطفل الصغير محتاج في تربيته لأستاذ فقط ؟
0- رجاء أن تعيدوا تسميتي بصفة "المعلم " عوض صفة "الأستاذ " الأستاذ يدرس لفترة محددة و يتنقل بين الصفوق أما أنا ثابت ،أدرس مدى الحياة .هل تعتقدون سيدي أن الطفل الصغير محتاج في تربيته لأستاذ فقط ؟
1- هل تعتقدون أننا سننجح حيث فشل الآخرون ؟ و هذا
التحديث للسياسة التعليمية قد عرف فشلا ذريعا في البلدان التي تم اعتماده فيها منذ
1990 ؟ حيث من أهم نتائجه هو هذا التفريق و التقسيم الشديد
بين مكونات الشعب .هذا النظام عمل على توليد أنظمة للتعليم مستقطبة (من القطب) بين
أقلية مفضلة و أغلبية مستبعدة .
2- ستستسلمون مهمتكم و الأكيد انه سيكون أول تصريح لكم هو تثمين الإصلاحات التي
ابتدأها أسلافكم في الكرسي الوزاري ،و ستضيفون العبارة :عازمون على مواصلة الإصلاح
. هل ستكون نقطة ثم رجوع الى السطر ؟
هل تعلمون سيدي الوزير أن هذا الإصلاح يركز على بشكل
أساسي على التطبيق العالمي للاختبارات المتعددة ذات التأثير العالي ، في الوقت
الذي تبث و بما لا يدع مجالا للشك ، فشل كل الأنظمة التعليمية التي استخدمت و
استعملت هذا النموذج التي استهدفت من خلاله "الرفع من نوعية التعليم " و
في المقابل ، الانظمة التي اعتمدت على التقييم و المساءلة على المستوى المحلي و الوطني تحسنت لها جودة التعليم .
3- الاشكالية ، هي
كيف يمكننا أن نتجنب النتائج الكارثية لهاته الإصلاحات التي أريد لها أن تكون
كونية و توحد كل العالم تحت تعليم موحد بدون النظر إلى الفروقات المهولة بين سكان
الكرة الأرضية ؟ فإصلاحات مماثلة لإصلاحاتنا
سبق تطبيقها في دول كثيرة الولايات
المتحدة و امريكا اللاتينية و اروبا ...(
بنسب و جرع متفاوتة) ، المثير في أمرها أنه رغم ما أحيطت به من تهليل و تطبيل في
الحملات الانتخابية و تنظير من أشباه التربويين و إشادة من فرقاء سياسيين لم تترك
وراءها إلا خرابا ينعق فيه البوم : إغلاق المدارس العمومية في المدن و القرى و
الاحياء الفقيرة ، انخفاض مشاركة الإباء و الأمهات في التربية ، و بوجه عام إضعاف
النسيج الاجتماعي حول المدرسة ،بالإضافة إلى عملية سرقة تاريخية تم خلالها نقل موارد عمومية إلى الشركات الخاصة ، إن لم
نقل استيلاء على موارد عمومية في التربية و التعليم من طرف من طرف مستثمرين
مستعدين للتخلي حتى على أبناءهم ان شموا رائحة الربح .
4- ألن يكون من المهم أن نولي
اهتماماتنا لخبراء التقييم مثل : بيرينود، ويليام، جونسون، غولدشتاين، دارلينج هاموند،
سفيردليك، روكويل
(Perrenaud, Wiliam,
Johnson, Goldstein, Darling-Hammond, Sverdlick; Rockwell)
الذين أوصوا بنماذج محلية أو مكيفة مع مرافقة تكوينية
للمعلمين و تقويم عادل لجميع الجهات الفاعلة و العوامل المشاركة في العملية
التعليمية ؟
5- ما جدوى الاستمرار في تطبيق إصلاحات معكوسة ؟ أولا تتم
تقييم الاصلاحات بأدوات معيارية موحدة ،
بعده يتم إعداد محتويات المناهج الدراسية بلا حلول واضحة
لتصميم " النموذج التربوي " و بدون اهتمام جدي بتدريب المعلمين ؟
6- لماذا يبنى المنهاج الجديد على الزيادة التراكمية في
المحتويات و الوصف المفصل للطرق علما أن هذا يولد
برامج غير قابلة للتحقيق عمليا على أرض الواقع و يستحيل تقييمها ؟
7- و في هذا الوقت الاحتجاجي العصيب ، لماذا لا يكون
هناك انخراط جماعي لتحديد "نهج سيرة " و جوهر المنهاج الدراسي الوطني و
المشترك و تعزيز قدرا أكبر من الاستقلالية و الابداع الوطني بين الهيئات التقنية و
المعلمين و مؤلفي المواد التعليمية و أصحاب البدائل التربوية المجتهدين ...حتى
يتسنى لهذا المزيج ابداء تدابير وفقا للتنوع الإقليمي و اللغوي للبلد ؟
8- لماذا لا تحترم المدة و الوقت الحقيقي للإصلاح ؟ و
لماذا لا تخصص له الموارد الفعالة و اللازمة لإنتاج برامج و موارد ذات جودة عالية
، بدلا من فرض مواعيد نهائية و في بعض الأحيان فجائية و سياسية بامتياز لم تؤذي إلا
إلى إخفاقات متوالية ؟
9- كيف يمكنكم
سيدي أن تكفلوا المجانية و تحققوا المساواة في التعليم العمومي
؟ إذا كنا مقبلين على عصر جديد : تحمل الأسر تكاليف تدريس أبنائها .عصر مطلوب فيه
من الأسر دفع مساهمات إجبارية و طوعية و موسمية و طارئة ...للحفاظ على المدارس و
هذه ليست إلا ضرائب إضافية ضخمة ستتنازل عنها الأسر لصالح الدولة و الخواص . و حتى
مفهوم " الاستقلالية في الإدارة " ليس في الحقيقة إلا اشتراكية في التكاليف و رأسمالية و خصخصة للأرباح .
10-و كيف تضمنون للأطفال الحصول على تربية و تعليم ذو جودة و عادلة و قريبا من أماكن إقامتهم ، إذا لم تصمم البرامج الوطنية للتعليم المتعدد
المستويات و التعليم القروي الهامشي ... الذين هم محتاجون إلى مساعدة و دعم خاص ؟
11- هل تعتقدون أن الخريجين الجدد (و في كثير من المهن )
المدربين جيدا على امتحانات "الاختيار المتعدد
" هم أحسن و أفضل من أولائك المعلمين (معلمي السبعينات و الثمانينات ) الذين
تم تكوينهم في مراكز تكوين المعلمين و المراكز التربوية التي تم التخلي عنها و أصبحت غير مؤهلة و
مهملة ؟
12- و كيف ستضمنون الشروط اللازمة حتى يشعر المدرسون
بالأمان و الطمأنينة و يركزون على عمله المتمثل في تربية و تعليم و تثقيف الأطفال ،و هم
الوقت الحاضر مرعوبون ،و يعانون من حملة
مسعورة من بعض الفئات الاجتماعية و قلة احترام لمهنتهم ، حملة تستهدف استقرارهم
الوظيفي ؟
13- لماذا هذه المركزية الشديدة في النظام التعليمي إذا
كان الكل متوافق على وجود أكاديميات و
مديريات ؟ و لماذا لا تسلم إليها القيام بتدابير ذاتية حقيقية و إعطائها الحرية لإطلاق
برامج عمومية و مبتكرة على المستوى المحلي
، برامج بتفردها و إبداعها يمتد إشعاعها على المستوى الوطني ؟ و لماذا لا يتم التقويم
العلني لأداء الأكاديميات و المديريات على غرار تقويم المدارس المراد تطبيقه كسيف
فوق رقبة المدارس ؟
14- كيف ستضمنون حياة سليمة صحية للأطفال و الشباب أمام مؤسساتهم التعليمية
و كيف ستبعدون عن محيطهم الأشخاص الغير مرغوب فيهم بتاتا : باعة المخدرات و باعة
الحلويات الرديئة ؟ كيف ستضمنون تعليمهم
أمام أخطار العصر الرهيبة مثل التواصل
الاجتماعي ؟ كيف ستضمنون جودة حقيقية توفر لهم فرص المستقبل و
العمل في عالم أصبح الكل يحلم فيه بالهجرة ؟
15- ما هي العلاقة بين الإصلاح التعليمي و الإصلاحات
الهيكلية الأخيرة ؟ و هل تعتقدون سيدي الوزير أن شركات الخواص و التي ليس لها من عقيدة إلا الربح مستعدة لضمان
الجودة و المساواة في التعليم ، لولا الدعم الذي تنتظره من الدولة و ستشترط أن
يكون قارا لأنها تقوم بتربية و تثقيف المواطنين ؟
16 – لماذا لا تعمم الموارد الرقمية على الجميع و يتم
الاستثمار في توفير كتاب مدرسي بأثمنة بسيطة و الاستثمار في أدوات النشر البسيطة
من ألات نسخ و طابعات و أدوات للتربية التشكيلية و الفنون ..؟؟؟
17- لماذا تستثمر أموال باهظة في شراء تكنولوجيا من
دون ضمان شروط استعمالها الجيد :مواد يمكن
أن تحسن التعليم محتاجة لبرنامج وطني للتدريب و التكوين و محتاجة لمعلمين لهم الإرادة
و الخيار لنقل تلك المعرفة إلى المدارس و الفصول و الوقت أو الحصص اللازمة لتعلمها
و أمكنة التعلم الملائمة (حجرات خاصة) ؟
18- لا أعرف إن كنتم ستكتفون بوضع مكعبات اضافية من
الطوب من فوق
التي وضعها سابقوكم على حائط التعليم المنهار . أم ستحاولون ان تفتحوا نقاشا محترما ،
يصغي إلى الأطراف الحقيقية التي تمارس التعليم و الأطراف الحقيقية التي
يمارس عليها التعليم ، و يستمع جيدا إلى
محاوريه واضعا نصب عينيه الإخفاقات و الحلول و البدائل لتجاوزها .؟
19- و كيف ستضمنون الرفاهية و الطمأنينة و الثقة في
المستقبل للمعلمين و جميع العاملين في التعليم إذا كان الإصلاح
الساري مفعوله يبيح الاستغناء عن المعلم تحت أعذار واهية و بدون مساءلة ؟
20- و أخيرا كيف السير قدما في الإصلاح و هو يحدث
قطيعة مأساوية مع التراث التعليمي الوطني الذي دشنه معلمون و
أساتذة استثنائيين ؟ أو بمعنى أخر يحدث قطيعة بما نحن عليه الآن بشكل يجعلنا نشد
على قلوبنا و نحن نتجه الى مستقبل بلا ملامح واضحة بلا أسلحة حقيقية : بلا تربية و تعليم جد منقوص ؟
21- كيف ستتم الولادة الجديدة و الأليمة و الصعبة للإصلاح ، أو بمعنى أخر كيف سيتم تحويل واقع
الفصول المغربية و تحويل الممارسات التربوية للانتقال من التركيز على التدريس الى
التركيز على تعلم الاطفال ؟ و كيف لنا أن
نركز على تعلم الطفل في غياب الوسائل المعتمدة لذلك : انخراط أكثر للطفل في بناء
المعرفة و التعلم ،تكثيف الدعم و التوجيه للمعلمين في مدراسهم ،الحصول علة موارد
تعليمية أفضل ،و الحصول على جودة التدريب ؟
22-هل تعتقدون أن المنهاج الجديد هو اختيار لأجود
المحتويات و هو كل ما يحتاجه الطفل –بحق-
في القرن الواحد و العشرين ؟ هل تعتقدون أنه يعترف بواقع المدارس المتباين و الغير المتجانس ؟هل
تعتقدون أنه يمنح المدارس المزيد من
المرونة لتكييف المناهج مع احتياجاتها الخاصة ؟
23- أريد للإصلاح خلق ثقافة تعليمية جديدة في المدارس ،
هل تظنون أن هاته الثقافة ستصل الى الفصول في سيطرة الارتجال و الغموض والملل
أثناء العروض النظرية للتكوينات ؟ و في
غياب حقيقي للدعم و المرافقة و فرص التطوير المهني ؟
24- من المعايير و الأدلة التي اعتمد عليها لتصميم الخطط
و الجديدة ،استناد اقتراح المناهج الجديدة
إلى أحدث البحوث في التعليم و تجارب دول سبقتنا لعمليات التعلم هاته .و لكن ألم
يكن حريا أن نلتفت إلى النتائج الوخيمة
التي أفرزتها تلك الإصلاحات في تلك الدول ؟
25- ماذا ستفعلون لإعادة الاحترام الاجتماعي للمعلم ؟ و
هو الآن ضحية غارات متوالية لنزع مصداقيته التربوية و التعليمية و حتى المهنية ؟
نعاني عجزا مهولا في هيبتنا الاجتماعية مما يحد من ممارستنا التعليمية و بشكل نشط .
26- لماذا النقابات أصبحت حصونا منيعة لا يصلها التغيير
؟ النظام الرسمي الذي ينظم نشاط الجزء الاكبر من المعلمين جامد ، عفا عنه الزمن .
27- ماذا ستفعلون أمام الأطراف الجديدة للتعليم الخاص التي لا تكف عن مزاحمة الوزارة و
ازاحتها من مهماتها ، اطراف استغلت هذا الفراغ
و أصبحت تقوم بتدريب المتعاقدين
الجدد و تدعي أن لها تدريبا أجود من التداريب التي تقوم بها وزارتكم ؟ ألا تعتقدون ان هذا سيفقد المعلمون الجدد
الثقة في التدريب الذي تقدمه الوزارة ؟
28- لماذا تعاني عملية اختيار المعلم من البساطة و أدنى غياب للصرامة ؟ هل تعتقدون سيدي
أن حل مشكل التعليم يكمن في حل مشكل آخر هو البطالة ؟ هل تعتقد أن جلب أعداد كبيرة
من معلمين أكثرا انضباطا من سابقيهم مع رصيد محدود من استراتيجية نقل المعارف سيحل
مشاكلنا التعليمية و سيحسن من الجودة ؟
29_ ماذا ستفعل يا سيدي أمام الاعلام ، فمكانتنا
الاجتماعية غالبا ما نفقدها عند حراس سلطة
الإعلام قبل الدخول الى المجتمع ، فهي التي تقلل من دور المعلم كناقل للمعرفة و
الثقافة للاجيال و تركز على أخبار متفرقة و شخصية و تضخمها من اجل خدمة خطها
التحريري ؟
30- هذا
السؤال هو السؤال رقم صفر .و هو أهم سؤال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق